من دفاتر معلمة / خلود المومني

من دفاتر معلمة

( عودك رنان !!!!!! ) .

بقلم : خلود المومني.

شخصية مميزة في عالم التدريس. …صاحب نكتة وخفة ظل وحلاوة روح. …إنسان غير عادي. …ذلك هو المعلم بطل هذه القصة.
كنت في الصف الخامس. ..أول صف يبدأ فيه تعلم اللغة الانجليزية. …أنا وأخي كنا في نفس الصف. ..هو في مدرسة الذكور. ..وأنا في الإناث. …في قرية من قرى المفرق. ..حيث أننا كنا نتنقل بسكننا إلى موقع عمل أبي في سلاح الجو.
كان معلما للغة الإنجليزية. ..وكما نحن يسكن تلك القرية مع أمه وزوجته. ..لم يكن قد رزق بأبناء بعد. ……كنت اراه في الصباح حاملا عوده وذاهبا إلى المدرسة سيرا على الأقدام. ….وبحكم أننا في غربة. ..وكل غريب للغريب نسيب …نشأت بين أسرتينا صداقة قوية. ….سهراتنا. ..اجتماعاتنا. ..حتى سفرنا إلى قرانا الأم معا.
أما لماذا كان يحمل العود إلى المدرسة؟ ! فذلك جوهر القصة.
كان يدخل الصف يضع الحروف على السبورة يخرج عوده ويبدأ يدندن عليه الحروف بلحن جميل جدا. …يحفظ الطالب الحروف والكلمات قراءة وكتابة. …ويعود إلى البيت يدندنها أغنية تلبسته وتمكنت منه. . .يبدأ أخي بالغناء بالدرس بذلك اللحن الجميل فأحفظ أنا منه. …..حتى القطعة والقواعد كان يغنيها على عوده للطلاب ..لا حرف عنده ليس له لحن جميل. …تميز أخي بلغته الانجليزية إلى مالا نهاية بسبب تلك الأساسيات التي تعلمها من معلمه.
وأنا. …كنت أعشق تلك السهرات التي كان يملؤها بأنغامه على العود انتظرها بشوق ولهفة. .. تلك الأغاني لأم كلثوم وفيروز وعبده موسى. ….عشقت العود. . والنغم. ..والموسيقى. ..والشعر. ……وحلمت بأن أقف أمام طالباتي وأحمل العود إلى حصتي وأعلمهن على نغماته …..في غمرة أحلامي نسيت أنني أنثى. ..ومساحات العيب التي تحيطني أكبر من أحلامي وفوق طاقة توقعاتي.
رحل الأستاذ محمد قبلنا من تلك القرية عائدا إلى قريته الأم. ….وانقطعت أخباره ….وبقيت صورة الأستاذ محمد سالم القرعان (أبو سالم ) كما كان يكني نفسه. ..معلم اللغة الإنجليزية وهو يحمل عوده جيئة وذهابا إلى المدرسة لايفارقه لحظة. .قابعة في ذاكرتي في مساحة لا يقترب منها نسيان له ولتلك الأنغام والصوت الشجي وأغاني أم كلثوم.
وبقيت أنا على قارعة انتظار للغد أحلم بالعزف على العود في حصتي. …..وها أنا أجوب الأيام بلا عود أو نغم اتكيء على خاصرة الزمن بلا حلم. ..وما زلت أذكر تلك الصور التي عاشت في نبضي وكبر فيها ضجيج العشق لصورة معلم حمل العود بين ذراعيه ليرسم بريشة عازف حب الوطن وعشق التعليم في طلابه بنعمة عود.
تلك الصورة لذلك المعلم الفنان غرست في قلبي عشقا لصوت العود والنغم الجميل والتعليم.
وتلاشى حبي للانجليزية بل وكرهتها مذ غابت ألحانها وذلك الصوت عني.
محمد سالم القرعان. .معلم عشق التعليم وطلابه كما عشق الوطن….ستزهو الذاكرة به كزهر اللوز. ..كلحن حزين….يتمكن منك ولا تستطيع الفرار منه.
من قال إن الموسيقى ليست غذاء الأرواح وبهجتها ؟ ؟؟؟؟!!!!!!

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى