موازنة التربية ومشاريعها المؤجلة / شروق طومار

موازنة التربية ومشاريعها المؤجلة
شروق جعفر طومار

في اجتماعه مع اللجنة المالية النيابية، لمناقشة موازنة وزارة التربية والتعليم 2020، تحدث الوزير د. تيسير النعيمي عن عدد من توجهات الوزارة كحوسبة الامتحانات وزيادة عدد المدارس وعدد الصفوف وتطبيق إلزامية رياض والتي تدعو للوهلة لكثير من التفاؤل، خصوصا مع زيادة موازنة الوزارة بمبلغ 70 مليون دينار لتبلغ 1.046 مليار دينار.
لكن الوزير عاد وبين بأن هذه الـ 70 مليون سيذهب منها 68 مليون للنفقات الجارية نتيجة الاتفاق المبرم أخيرا بين الوزارة ونقابة المعلمين بزيادة الرواتب، وكأن الوزير أراد أن يقول لنا بأن هذا الاتفاق سوف يأكل مبلغ الزيادة كله تقريبا ولن يتبقى منه سوى 2 مليون دينار للمشاريع ولتحسين خدمات التعليم.
إلى جانب ذلك، رمى الوزير معلومة تلقفها الناس بكثير من الاستهجان عندما قال بأن كلفة الطالب تبلغ 1380 دينار في المدارس الحكومية الصغيرة التي يقل عدد طلبتها عن 100 طالب، وهي كلفة تزيد عن أقساط بعض المدارس الخاصة، بينما لا يحصل هؤلاء على جودة التعليم والخدمات التي يحصل عليها طلبة المدارس الخاصة.
ما أشار إليه الوزير حول أن هذه التكلفة العالية هي في المدارس المتناثرة في القرى والبلدات الصغيرة، وبأنها تبلغ نحو ثلاثة أضعاف كلفة الطالب في المدارس الكبيرة منطقي ويمكن تفسيره ضمن مفهوم اقتصاديات الحجم الكبير، لكن ما ليس مفهوما هو لماذا لا تفكر الوزارة في إنشاء مدارس كبيرة مركزية في منطقة وسطية تخدم تلك البلدات، تتمتع بمعايير عالية تنتج مخرجات اكثر جودة وتحقق وفر بالتكاليف يمكن استخدام جزء منه لتوفير مواصلات آمنة لنقل الطلاب إليها.
في الحقيقة، فإن هذه المسألة ربما تكون واحدة من بين آلاف القضايا التي تؤشر على أن مشكلة الوزارة ليست في حجم المخصصات أو المصروفات التي تنفق، وإنما هي في أوجه تلك الصرف وفي عملية إدارة نشاطات الوزارة المختلفة بشقيها الخدمي في المدارس، والإداري في مديريات التربية.
موازنة الوزارة ليست بالقليلة وهي من أكبر موازنات الوحدات والوزارات الحكومية حجما ونسبتها 10.5% تقريبا من الموازنة العامة، لكن هذه الموازنة التي تزيد عام 2020 عن مليار دينار، يذهب أكثر من 90% منها لتغطية النفقات الجارية مثلها في ذلك كمثل معظم القطاعات الحكومية الأخرى.
لست ادعو لخفض رواتب المعلمين ابدا، فقد كنت وما زلت مع زيادة رواتبهم، ولن يرضى احد ان يتم الاستغناء عن أعداد منهم، لكن المشكلة هي أن الوزارة لليس لديها توجه سواء على المدى القريب او البعيد لوضع خطة تشتمل مثلا على إعادة تأهيل عدد من المعلمين وصرف مبالغ مجزية لهم ومن ثم إنهاء خدماتهم بشكل يمكنهم من شق طريق آخر لهم بشيء من الأمان.
وما يزيد الأمر سوءا هو أن ما يخصص للإنفاق الرأسمالي على صغر حجمه ونسبته، لا يتم انفاقه كاملا إذ يتم إيقاف النفقات الرأسمالية سنويا من أجل تغطية جزء من عجز الموازنة الكلى، وقد كان الانفاق الرأسمالي الفعلي أقل من المقدر بنسب تتجاوز 20٪ في العامين الحالي والسابق.
وبالتالي فإن ما تحدث عنه الوزير من توجهات لدى الوزارة لتحسين البني التحتية للمدارس وتطويرها وتجويد العملية التعليمية، من المحتمل جدا أن يظل مجرد أمنيات لا تتحقق بفعل تكرار خيبة الأمل في التوقعات حول إيرادات الخزينة من مصادرها المختلفة ومن ثم لجوء الحكومة ككل مرة الى إيقاف النفقات الرأسمالية.
اذا بقيت العقلية التي تدار بها موارد الوزارة المالية ونفقاتها على ماهي عليه، فمن الأرجح بأن تبقى المشاريع التي يتحدث عنها وزراء التربية في الإعلام أحلاما مؤجلة الى حين ميسرة.موازنة التربية ومشاريعها المؤجلة
شروق جعفر طومار
s_toumar@outlook.com

في اجتماعه مع اللجنة المالية النيابية، لمناقشة موازنة وزارة التربية والتعليم 2020، تحدث الوزير د. تيسير النعيمي عن عدد من توجهات الوزارة كحوسبة الامتحانات وزيادة عدد المدارس وعدد الصفوف وتطبيق إلزامية رياض والتي تدعو للوهلة لكثير من التفاؤل، خصوصا مع زيادة موازنة الوزارة بمبلغ 70 مليون دينار لتبلغ 1.046 مليار دينار.
لكن الوزير عاد وبين بأن هذه الـ 70 مليون سيذهب منها 68 مليون للنفقات الجارية نتيجة الاتفاق المبرم أخيرا بين الوزارة ونقابة المعلمين بزيادة الرواتب، وكأن الوزير أراد أن يقول لنا بأن هذا الاتفاق سوف يأكل مبلغ الزيادة كله تقريبا ولن يتبقى منه سوى 2 مليون دينار للمشاريع ولتحسين خدمات التعليم.
إلى جانب ذلك، رمى الوزير معلومة تلقفها الناس بكثير من الاستهجان عندما قال بأن كلفة الطالب تبلغ 1380 دينار في المدارس الحكومية الصغيرة التي يقل عدد طلبتها عن 100 طالب، وهي كلفة تزيد عن أقساط بعض المدارس الخاصة، بينما لا يحصل هؤلاء على جودة التعليم والخدمات التي يحصل عليها طلبة المدارس الخاصة.
ما أشار إليه الوزير حول أن هذه التكلفة العالية هي في المدارس المتناثرة في القرى والبلدات الصغيرة، وبأنها تبلغ نحو ثلاثة أضعاف كلفة الطالب في المدارس الكبيرة منطقي ويمكن تفسيره ضمن مفهوم اقتصاديات الحجم الكبير، لكن ما ليس مفهوما هو لماذا لا تفكر الوزارة في إنشاء مدارس كبيرة مركزية في منطقة وسطية تخدم تلك البلدات، تتمتع بمعايير عالية تنتج مخرجات اكثر جودة وتحقق وفر بالتكاليف يمكن استخدام جزء منه لتوفير مواصلات آمنة لنقل الطلاب إليها.
في الحقيقة، فإن هذه المسألة ربما تكون واحدة من بين آلاف القضايا التي تؤشر على أن مشكلة الوزارة ليست في حجم المخصصات أو المصروفات التي تنفق، وإنما هي في أوجه تلك الصرف وفي عملية إدارة نشاطات الوزارة المختلفة بشقيها الخدمي في المدارس، والإداري في مديريات التربية.
موازنة الوزارة ليست بالقليلة وهي من أكبر موازنات الوحدات والوزارات الحكومية حجما ونسبتها 10.5% تقريبا من الموازنة العامة، لكن هذه الموازنة التي تزيد عام 2020 عن مليار دينار، يذهب أكثر من 90% منها لتغطية النفقات الجارية مثلها في ذلك كمثل معظم القطاعات الحكومية الأخرى.
لست ادعو لخفض رواتب المعلمين ابدا، فقد كنت وما زلت مع زيادة رواتبهم، ولن يرضى احد ان يتم الاستغناء عن أعداد منهم، لكن المشكلة هي أن الوزارة لليس لديها توجه سواء على المدى القريب او البعيد لوضع خطة تشتمل مثلا على إعادة تأهيل عدد من المعلمين وصرف مبالغ مجزية لهم ومن ثم إنهاء خدماتهم بشكل يمكنهم من شق طريق آخر لهم بشيء من الأمان.
وما يزيد الأمر سوءا هو أن ما يخصص للإنفاق الرأسمالي على صغر حجمه ونسبته، لا يتم انفاقه كاملا إذ يتم إيقاف النفقات الرأسمالية سنويا من أجل تغطية جزء من عجز الموازنة الكلى، وقد كان الانفاق الرأسمالي الفعلي أقل من المقدر بنسب تتجاوز 20٪ في العامين الحالي والسابق.
وبالتالي فإن ما تحدث عنه الوزير من توجهات لدى الوزارة لتحسين البني التحتية للمدارس وتطويرها وتجويد العملية التعليمية، من المحتمل جدا أن يظل مجرد أمنيات لا تتحقق بفعل تكرار خيبة الأمل في التوقعات حول إيرادات الخزينة من مصادرها المختلفة ومن ثم لجوء الحكومة ككل مرة الى إيقاف النفقات الرأسمالية.
اذا بقيت العقلية التي تدار بها موارد الوزارة المالية ونفقاتها على ماهي عليه، فمن الأرجح بأن تبقى المشاريع التي يتحدث عنها وزراء التربية في الإعلام أحلاما مؤجلة الى حين ميسرة.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى