#مع_المعلم / جروان المعاني

#مع_المعلم
تذكر حوادث التاريخ العربي ان المؤرخ ابن الجوزي سكت على مقتل المستنجد مؤثرا السلامة لحكمة مفادها ( لا تظهر بغضك لمن تبغضه حتى لا يبالغ في حربك والاحتيال عليك ..) وبقيت كيفية مقتل الخليفة المستنجد سراً حتى جاء ابن الاثير وكشف مؤامرة طبيب المستنجد وقائد الجيش.
كثيرة هي الحقائق المخفية خوفا، وكثيرة هي الاعذار التي نقبل بها حين يخشى المؤرخ او العالِم على نفسه واهله فيخفي حقيقة الحوادث ولا يظهرها, كان ذلك قديما حيث نقل الخبر من بغداد الى الشام يحتاج اياما ليصل، اما اليوم في عصر الانترنت فان الخبر حيانا يصل حتى قبل حدوثه، فما هو المخفي والمسكوت عنه في حقيقة اضراب المعلمين ..!
لا اضيف جديدا اذا قلت ان التعليم برمته مُستهدف والمعلم هو الاداة الاولى فاستهدافه والتقليل من شأنه يحقق الهدف، هكذا ببساطة يتم تفسير تعنت الحكومة اتجاه مطالب محقة وواقعية للمعلمين، فالمعلم الفاشل الضعيف سينتج جيلا متخاذلا كسول، وبالتالي سينتج طبيبا ووزيرا ومديرا فاشلا وصحفيا خائفاً من نقل الحقيقة وجنديا لا هم له الا الراتب .
كانت وما زالت قوى الاستعمار واعوانها ومن منظور استراتيجي تستهدف الانسان العربي من خلال احباطه وسلخه عن قضاياه الجوهرية والهاءه بقضايا هامشية، وبالتالي بذر عوامل الفتنة بين الناس بوسائل خبيثة، فالحرص على افقار الناس ومنهم المعلم يحقق لهم اهدافهم ببساطة، فلا القدس قضيتنا ولا ما يحدث في ليبيا واليمن والشام والعراق، ولا القمع الممارس على الشعوب من اهتماماتنا، نحن فقط منشغلون بلقمة العيش ونحاول تجنب الانهيار .!
لعل الزيادات التي جاءت لجنودنا البواسل دلالة واضحة على سوء نوايا الحكومة اتجاه المعلم والتعليم، فهي تتراوح بين (50 دينار للعسكري و250 دينارا للرتب العالية ونقول اللهم لا حسد, وهنا يتبين لنا مدى الاستعداد لإحداث الصدام ان لزم الأمر بين الجندي وبقية افراد المجتمع ومنهم المعلم .
عجيب هو امر الحكومة، ما الذي تريده من وراء عرقلة الحل، وكل المطلوب منها ان تعطي وعدا بتحقيق مطالب المعلمين، ام انها تدرك تماما انها فاشلة ولن تستطيع تحقيق اي نمو على المدى المنظور، والاعجب هو التهويش والتهديد من وزارة التربية بالفصل وتجييش الناس لكره المعلم والاستعداء عليه.
ندرك تماما أنه يراد بنا شرا، وان اضراب المعلمين فعلا ككرة النار اذا تدحرجت ربما تقودنا لا قدر الله الى (ربيع عربي) اسوأ بكثير مما نتخيل، ومهما حاولنا التحلي في الحكمة لن يجدي، فمن اراد في البلد خيرا عليه التأني والبحث عن وسائل لحل هذه القضية الخطيرة.
المعلمون رسل لتبيان الحقيقة ونشر المعرفة وتربية الاجيال، ومن يعترض على مطالبهم لا يدرك حجم المتاعب التي يعيشونها، وكل ما ارجوه الا يستغل اعداء الحياة هذه الحالة لتحقيق مآربهم على حساب الوطن الاردني، وان لا تصيبنا لعنة تفخيم الاشخاص وتحويلهم الى ابطال من ورق، نعم نحن مع المعلمين ولن نرسل ابناءنا للمدارس حتى يطلب المعلم ذلك، اليوم الوطن هو المعلم وكرامته دلالة التعافي وبداية حقيقية للإصلاح المنشود بعيدا عن اجندة المحتلين واعوانهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى