مطاعيم وأحزاب..

مقال الأحد 17-4-2016
النص الأصلي
مطاعيم وأحزاب..
أخذنا في دروس الأحياء قبل سنوات طوال..أن المطعوم عن عبارة عن مركّب مكون من “أحياء دقيقة” ضعيفة او ميتة او مضبوطة ومصنّعة وخاضعة للتجربة تُعطى للجسم بهدف بناء مناعة مقاومة فعالة تقيه من غزوات لأحياء مشابهة.. هذه اللقاحات لا خوف منها ولا خطر ،فهي تقوم بدور تعرفه جيداً وهو تقوية الجسم لا احتلاله او انهاكه او الاستيلاء عليه..
الأحزاب في الوطن العربي برمّته – وانسجاما مع ديمقراطيته البلاستيكية- تقوم بعمل المطاعيم لا أكثر ، السلطات تتعاطاها لتقوى على غيرها من الحركات لتكوّن مناعة ذاتية ضد كل ما هو مخالف “للسيستم” الداخلي، فتحقن الجسم السياسي بالاحزاب الضعيفة او الميتة لتستطيع مجابهة القوية والحية في حال تعرّضت لها في المستقبل ، والاثنان راضيان بالدور؛ “اللقاح والمُلقّح”، ويعرفان المساحة والوظيفة لكل منها ولا اختلاف..
***
في الأردن بعض الأحزاب أسماؤها أطول من قائمة منتسبيها، وحجم تأثيرها في السياسة العامة للدولة لا يختلف عن حجم تأثير “مشجعي” المقاهي على سير الدور الاسباني، لا احد يسمع تعليقهم ولا يكترث أحد بأرائهم ومع ذلك يتمتعون “برخصة مهن”.. بالمقابل البعض الآخر منها (يسار واسلامي) لها قاعدة جماهيرية كبيرة وقد تكون رافعة حقيقية ومساهمة في الحوار الوطني والبناء السياسي اذا تم ادراكها جيداً – مع تحمل بعض الآثار الجانبية البسيطة التي تزول مع عامل الوقت- وبالرغم من أنها تحت انظار الدولة وتحت جناحها الا ان الحكومات ترفض ان تعطيها شهادة “خلو أغراض”..
في الآونة الأخيرة خلط البعض بين “المطعوم” والمرض ،ورفض تعاطيه خوفاً من الاصابة فيه رغم انه مجرب ومكفول لسنوات طويلة ..ما اقصده بالضبط عندما يتم اغلاق بعض المقرّات الحزبية على طريقة الكافتيريات “بالشمع الأحمر”، نكون قد استبدلنا الاحتواء الى “الاقصاء” دون مبرر أو مستجدات تستدعي ذلك…لا يوجد ما يبرر التضييق او اقصاء اي جماعة او حزب يساري ام اسلامي أم وسطي كان ما دام جذوره وامتداده من الوطن والى الوطن فقط…ما دام همه وطني بحت يسعى الى استدامة واستقرار وسيادة هذا البلد ويمارس عمله بمنتهى السلمية.. واعتقد هذه الجماعة كانت ضمن السياق الوطني منذ النشوء هي تعرف ذلك وتقبل به..والدولة تعرف ذلك وتقبل به.
ما زلنا مؤمنين أن ثمة حكمة لدى بعض اصحاب القرار ستعيد القبضة الى منتصف العصا ، فإغلاق المقرّات لا ” تغير” المبادىء ،المقرّ مجرد “طوب” أما الأفكار فهي “البناء” الحقيقي وكلنا نعرف ان اخطر الجماعات والتنظيمات تلك التي لا مقرات لها ولا “ايديولوجيا” ثابتة تحكمها…
ما زال هناك متسّع من الوقت للحوار والتشارك والتصافي بين جميع الأطياف ، لا الدولة من هوايتها كسر العظم ولا أكثر الأحزاب تشددّاً كذلك.. والاختلاف تحت سماء الأردن لأجل ألأردن هي قمة الوطنية.. ومهما تباين الاجتهاد يجب الا يخرجنا من عباءة العَلَم..
وسلامتكم وسلامة الوطن!.

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ما لا يعقله صاحب هذا القرار ان تأثير هذا المطعوم لني ظل في جسم الحزب فقط … فباقي الجسد سيتداعى له بالسهر والحمى اذا ما اشتكى ….. للأسف أيضا ان المطعوم لم يكن مناسبا لنوع الوقاية المرجوة حسب رأي صاحب القرار ، وما يخشى منه ان يكون التفاعل ما بين الفيروس ” الذي حسبوه ضعيفا ” وبين الجسم له عواقف أكبر فيتحول الفيروس الضعيف الى فيروس اقوى من قبل لا يمكن السيطرة عليه

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى