بائعة الخبز / رائد عبدالرحمن حجازي

بائعة الخبز
بائعة الخبز عنوان لرواية كتبها الكاتب الفرنسي (كزافيه دومنتبان) من نسج خياله لجذب القراء للصحيفة التي كان ينشر بها آنذاك , وتحكي قصة امرأة مات زوجها وتعرضت لشتى أصناف الإهانة والذل , وتم حبسها بسبب تهمة أُلصقت بها زوراً وبهتاناً , ولن أخوض في تفاصيلها فهي رواية طويلة . لكن ما لفت نظري مشاهدة فلم حقيقي شبيه برواية بائعة الخبز, وذلك من خلال مقطع مصور لا تزيد مدته عن ثلاث دقائق .
المكان أحد شوارع عمان , الزمان في ساعات الصباح , وبطلة الرواية (أم رامز) التي لم ترضى لنفسها ولأولادها التسول وأنما كافحت وجاهدت من أجل لقمة الحلال , فها هي منذ سنوات تسلق البيض وتحضر الخبز والشاي في عربتها المتهالكة بما تسمح لها دراهمها القليلة والتي تبيت معها من بيع الأمس , لتبدأ يومها وبكل تفاؤل متوكلة على الله .
أم رامز كان شعارها (تذكروا أن البداية هي اليوم) الذي كُتب على عربة جديدة تبرع بها أهل الخير بدلاً من عربتها المتهالكة . ولكنها لم تكن تعلم بأن شعارها سيتم استبداله ليصبح (تذكروا أن النهاية هي اليوم) حتى أنها لم تتهنى بهذه العربة الجديدة . مسكينة أم رامز فقد أتى موظفوا الأمانة وبسلطة القانون ليتلفوا ما تحويه عربة التفاؤل . لا بل زادوا العبء عليها وذلك بفضل قوة وسلطة القانون فزادوا من ألامها وإيلامها . المسكينة جلست على قارعة الطريق تندب حظها العاثر . يا ألله كم أنت ظالم أيها القانون أتترك لصوصاً كباراً ينفذوا من قبضتك بتحايلهم عليك أو بدون تحايل ! فكم من كبار الفاسدين لم يستطيع القضاء إثبات أي من التهم الموجهة اليهم ! والفضل يعود للقوانين والأنظمة والتحايل عليها . لكن عند أم رامز كشر القانون عن أنيابه وأبى إلا أن يتم تطبيقه ولم يسمح لأي حيلة تنطلي عليه حتى لو كانت من الحيّل القانونية . أتدرون لماذا ؟ لأن أم رامز طيبة القلب لا تعرف التحايل , ولم يخطر ببالها بأن الظلم سيولد من العدل , والحق سيَطرح باطلاً , والصدق سيدمغه الكذب , والأمانة ستتبدل بالخيانة . لله درك يا أم رامز , لا تحزني واصبري , فدموعك كانت أقوى من قانونهم لأنك طيبة القلب, ورب العباد لا يُظلم عنده أحد .
الحمد لله لا زال الخير ببلدنا وأصحاب الأيادي البيضاء تهافتوا لتقديم المساعدة لكِ . ويا حبذا لو أن القانون يسمع أو يقراء هذا المقال عل وعسى أن يغيير من مزاجيته في التطبيق , ليُريح ويستريح .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى