محمود

محمود
يسار خصاونه

حين تصدقُ البداياتُ
كم ستكون وفيّةً النهاياتُ
بكل وضوح الكلمةِ وصفاءِ النيّةِ
خطونا في مسيرة العمر خطوتنا الأولى معاً
كان اللقاءُ الأول في دروب الشمس
معاً خطونا حاملين عبءَ المسؤولية
وأمانةَ الموقف
كان لصوته بصمةٌ عندَ السامعين
وكانت لي هويتي التي تقاسمنا رقمها الوطني
كان يرسمُني لغة
وكنتُ أرسمُه ابتسامةً
هكذا قدّمنا أنفسنا إلى الناس
كنّا شخصين في هذه الحياة
وحين التقينا اكتملنا
كان الكتفً التي أتكئُ عليها ساعة تعبي
وكنتُ حضنَه الدافئَ ساعة البوح
لم يكن يوماً أنا
وما كنتُ يوماً هو
ومعَ هذا معاً كنّا نحملُ ذات النظرةِ
وذات الشهقةِ وذات الدمعةِ
كان يسافرُ بي في حديثه إلى كلِّ بقعةٍ في الأرض استراح بها
وكنتُ أزورها معه
هنا أمريكا وهنا إسبانية ، وهنا مصرُ
وكنت أحياناً أختصرُ كلَّ هذه الأماكن بالنعيمة
فيضحكُ ويقول يا يسار
سهولُ النعيمة تُكملُ تلال بيت راس
ذات المرأةُ العصيةُ موجودةٌ هنا وهناك
ذات الفلاح الذي يحرس المطر من أجل حبة قمح
ذات الوجع ذات الفرح
والدي في سهول النعيمة يعانقُ خضرتَها
ووالدُك في بيت راس يقرأُ تاريخَها
تعال معي يا يسار نختبئ خلف دحنون الاثنتين
كنتُ أقولُ له مبتسماً ما دامت تجمعُنا سماءٌ واحدةٌ فنحنُ أبناءُ الله
فما أسمى أُخوتنا يا محمود
نعم
على مَهَلٍ التقينا
على عجلٍ افترقنا
كان يسير منتصبَ القامةِ والأيامُ تسيرُ خلفَه تكتبُ ما يمليه عليها
لم يلتفت يوماً خلفه إلا لزلّةٍ بدرت منه عفواً ليعتذر منها
كان أصدق ما يكون في موعده
كان يصهلُ في ميدان الحديث غناءً
كنتُ أخافُ عليه
لا أدري لماذا أخاف عليه
كلُّ ما أدريه أنني أحبُّه
فلا تسألوني ماذا أحببتُ فيه
إن حبَّه عندي كعطر وردة تستمتع به لكنك لا تستطيعُ وصفهُ
هل مرَّ يوماً على أحدِكم دون أن يطرح السلام ؟
كانت ابتسامتُه تسبقه وكلماتُ المحبة تسكنُ حنجرتَه
رافقني رافقتُه سار معي سرتُ معه كلُّ هذه السلوكيات كانت إطاراً لمحبتنا
فقد كُنّا معاً نحملُ ذات الهمِّ الوطني والهمّ الاجتماعي والاقتصادي
غاب عنكم
لكنه لم يغب عني
وسيبقى معي حتى نلتقي ثانية عند رحمن رحيم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى