محاصصة ذوي النفوذ

محاصصة ذوي النفوذ
أ. د. خليل الرفوع

حينما يتحول الوطن إلى محاصصة ذوي النفوذ السياسي والمالي فاعلم أنها بداية الانقسام المجتمعي وتحويله إلي كيانات يسعى كل منها إلى قضم الوطن على حساب الإخوة في التاريخ والمواطنة في الجغرافيا والحقوق والواجبات، إنها رمي بذرة الفتنة في أرض خصبة تسقى بماء فاسد لا تقل عن أخواتها :  المذهبية والطائفية والقبلية ، وإذا نظرنا في التاريخ قديمه وحديثه وجغرافية ما حولنا نرى كم أفسدت المحاصصة الأمن الوطني وصدعت بنية المجتمع وجعلته ميليشيات متصارعة على فضلات ما رمته لهم الدول الاستعمارية.
وأسوأ أنواع المحاصصة في غياب بعض أنواعها صناعةُ مراكز نفوذ سلطوية من خلال زعامات صورية ليس لها تاريخ في بناء الدولة بل تظهر في غفلة من التاريخ مستندة إلى قوتها المالية لتشكل قوى رأسمالية اخطبوطية منتفخة؛ فيتحول الوطن إلى أقطاب جاذبة للباحثين عن وظائف تسد رمق فقرهم وهي في الوقت نفسه تتصارع فيما بينها على المناصب السياسية وجشع جمع المال بكل الوسائل، إنه نَهَمٌ يتزايد كلما ارتفعت الكراسي وتضخمت الخزائن وتورمت المَحَافِظ. تلك مراكز قوى تزكي من تشاء بغير حساب وبخاصة في المناصب العليا، وتغرس بقوة نفوذها مَنْ  يواليها أو يتبعها، وهكذا تتناسل وتتوالد، فضلا عن توريث ذوي القربى، إنها منظومة من الفساد والإفساد يصعب اجتثاثها إلا باجتثاث كل أصولها المتفرعة إلى القوى المهيمنة سياسيا واقتصاديا . والخشية من استمرارها أن يتصدع المجتمع وينقسم إلى طوائف إذا صاحب ذلك محاصصة جهوية بعيدا عن الكفاءة والأمانة وقوة الحق، فتضخم الزعامات النخبوية بفعل رهبوت  المحاصصة وجبروتها يفضي إلى إحساس فوضوي عارم بالظلم يوشك أن يكون فتنة مجتمعية أخطر من الفتن الطائفية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى