مجلس الأمناء في مرآة الضمير الأكاديمي: تساؤلات تنتظر إجابات

#سواليف

#مجلس_الأمناء في مرآة #الضمير_الأكاديمي: #تساؤلات تنتظر #إجابات

بقلم: الأستاذ الدكتور عزّام عنانزة

على النفس عتب مطرّز بالمحبة، وعلى اللسان غصّة بحجم الحلم الذي نحمله لجامعتنا العريقة، جامعة اليرموك. وما بين هذا وذاك، لا يسعنا إلا أن نضع النقاط على الحروف، ونقول ما يجب أن يُقال، إحقاقًا للحق، وإنصافًا للكرامة الأكاديمية، التي ما تزال تئنّ بصمت تحت وطأة الإقصاء والتهميش.

مجلس أمناء جامعة اليرموك ليس مجرد تشكيل إداري، بل هو بيت خبرة وطني وأكاديمي يضم في جنباته شخصيات لها باع طويل في العمل العام، ومنهم من شغل مناصب عليا في الدولة الأردنية. ولكن، وعلى الرغم من هذا الزخم الرمزي والوظيفي، فإن أداء المجلس يثير جملة من التساؤلات الجادة، بل والمقلقة، حول مدى التزامه بواجباته القانونية والأخلاقية تجاه الجامعة.

أول ما يستوقفنا هو التنازل غير المبرر عن صلاحيات الرقابة والتقييم في العلاقة مع رئيس الجامعة. فحين تُصبح أسماء نواب الرئيس والعمداء ورؤساء الأقسام معروفة قبل أن تُعقد اجتماعات المجلس، وحين تسود الواسطة والمحسوبية على حساب الكفاءة والأقدمية، فلا بد أن نتساءل: أين صوت المجلس؟ أين دوره في ضمان الشفافية؟ لقد تم استبعاد كفاءات أكاديمية رفيعة المستوى فقط لأن الولاء الشخصي طغى على الولاء المؤسسي. وهنا مكمن الخطورة، إذ تنقلب الجامعة من مؤسسة علمية إلى مزرعة شخصية.

ثانيًا، لا يبدو أن المجلس مارس مسؤولياته الرقابية كما ينبغي، خصوصًا في ظل تراكم مديونية الجامعة عامًا بعد عام، وازدياد فوائد القروض، دون أن يقابل ذلك إجراءات جدية لتحصيل مستحقات الجامعة لدى الدولة. الأخطر أن المجلس لم يلزم الرئيس باتخاذ أي خطوات عملية للخروج من هذا المأزق المالي، رغم أن الأجور تتآكل، والبنى التحتية تتدهور، والحالة النفسية لأعضاء هيئة التدريس في الحضيض.

ثالثًا، نُسجل بأسف عميق قيام بعض أعضاء المجلس بممارسات تتناقض كليًا مع الدور المنوط بهم. فكيف نفسر إنشاء شركة استثمارية يرأسها أحد الأعضاء؟ أليس ذلك تضاربًا فادحًا في المصالح؟ وماذا عن ما نُشر إعلاميًا بشأن أحد الأعضاء المتورطين في صفقة حليب فاسد ومنعه من السفر؟ ألا يُفترض بمجلس الأمناء أن يكون مثالًا للنزاهة والالتزام، لا مرتعًا للشبهات والتداخلات المشبوهة؟

رابعًا، يقف المجلس عاجزًا أمام تنفيذ قرارات صدرت عن أعلى مستويات الدولة، كتلك المتعلقة بإيقاف اقتطاع حوافز الموازي من أعضاء هيئة التدريس أثناء التفرغ العلمي، وإعادة ما تم اقتطاعه سابقًا، تحقيقًا لمبدأ العدالة والمساواة. لا نعلم ما الذي يمنع الرئيس من تنفيذ تلك القرارات، لكننا نعلم جيدًا أن صمت مجلس الأمناء يُعدّ تواطؤًا بالصمت، إن لم يكن رضًا ضمنيًا!

أما المقترحات والتوصيات التي قدمتها لجنة الحراك بخصوص التشريعات الجامعية، فإن المجلس لم يُحرّك ساكنًا تجاهها، وكأنها لم تكن. لا أحد يناقش النظام المعدّل، ولا أحد يفتح ملف البحث العلمي، أو دعم المشاركة في المؤتمرات، أو تحسين البنية التحتية. وكأن الرسالة الجامعية فقدت معناها، أو كأن الأكاديميين باتوا عبئًا بدل أن يكونوا عماد النهضة.

هذه الصرخة لا تهدف إلى التشهير، ولا إلى التجريح، لكنها نداء مخلص إلى كل مسؤول في الدولة، إلى وزارة التعليم العالي، وإلى كل من يعنيه شأن هذه الجامعة. ما يحدث في اليرموك ليس شأنًا محليًا، بل هو قضية وطنية بامتياز، لأن الجامعات هي مرآة المستقبل، وإن كسرت المرآة، ضاع الأفق.

وللحديث بقيّة، إن كُتب للحق أن يُقال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى