اتفاق الصندوق.. ‘شر لا بد منه’ / سلامة الدرعاوي

اتفاق الصندوق.. ‘شر لا بد منه’
اتفاق الصندوق مع الأردن ليس الأول أو الأخير، فمنذ العام 1989 والمملكة تخضع لبرامج التصحيح، والاتفاق الذي انتهى قبل أشهر قليلة تضمن شروطا قاسية على الاقتصاد الوطني الذي دفع ثمنها بتباطؤ النمو الاقتصادي.
الاتفاق الجديد هو “شر لا بد منه”، السبب في ذلك أن الاردن لم يعد يملك من الخيارات الاقتصادية ما يسمح له بالمناورة والتفاوض مع بعثة الصندوق، فالمديونية تناهز اليوم 94 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، النمو الاقتصادي في أدنى مستوياته منذ 15 عاما، وتداعيات الازمات الخارجية تلقي بظلال قاتمة على الاقتصاد الوطني من حيث تدفق الحوالات والسياحة والاستثمارات.
الأخطر من ذلك؛ والذي يبرر اتفاق الصندوق الاخير، هو ان المجتمع الدولي لم يعد يتعامل مع المملكة من حيث المساعدات وتقديم المنح الا عبر الصندوق، بمعنى ان الدولة التي لها اتفاق مع الصندوق، فإن الدول المانحة ستتعامل معها وغير ذلك فالشاشة ستقفل أمام تلك الدولة.
الاردن اليوم بأمس الحاجة الى تلك المساعدات التي هي اليوم اساس الاستقرار الاقتصادي على المدى القصير، فالاقتصاد الوطني لا يقوى منفردا على مواجهة تداعيات ازمة اللجوء السوري، وهو بأمس الحاجة الى دعم المجتمع الدولي، فمقررات مخرجات مؤتمر لندن لن تأتي للخزينة دون وجود هذا الاتفاق مع الصندوق، والامر لا يقتصر على المنح، بل حتى القروض هي الاخرى تتطلب شهادة حسن سلوك من الصندوق.
الاجراءات التي اعلنت عنها الحكومة من رفع الرسوم على عدد من السلع والخدمات هي اجراءات متكررة منذ اعوام، ولا يوجد أي ابداع في اخراجها، والمطلوب من الحكومة مقابل هذه الارتفاعات حزمة امان اجتماعي تحمي الطبقات الفقيرة والمتوسطة من موجة الغلاء التي تطال أمنهم المعيشي.
التحديات التي تواجه الاردن من تنفيذ اتفاق الصندوق هو احتمالية ان لا تحصل المملكة على المساعدات المتوقعة بعد الاتفاق، وهذا أمر وارد ومحتمل، وقد تكرر في السابق كثيرا، بأن خالفت المساعدات المتحققة عمّا هو مقدر لها، حينها سيكون الوضع المالي للخزينة في وضع لا يحسد عليه ابدا، وستكون المالية العامة في أزمة حقيقية، لذلك من المفترض ان يكون هناك خطة طوارئ لمواجهة أي احتمالات سلبية من هذا النوع.
التحدي الآخر هو ان لا يتحقق النمو الاقتصادي المقدر في فترات البرنامج (2.8-4) بالمائة كما حصل في البرنامج السابق الذي طبقه الاردن بحذافيره وبإشادة من الصندوق، حينها سيكون الاقتصاد الوطني قد دخل في غيبوبة كبيرة، والاسر الاردنية والقطاع الخاص يكونوا قد دخلوا في نفق مظلم.
مباحثات قواعد المنشأ هي الاخرى تحد آخر رغم ان وزير التخطيط أكد ان الامور تسير بالشكل المطلوب، وان الاتفاق المبدئي سيكون بحدود الشهرين المقبلين، وان أي تعديلات لن تتطلب الذهاب الى البرلمان الاوروبي للمصادقة عليها.
في الحقيقة لا تملك هذه الحكومة الكثير لتناور به اكثر مما فعلت الان، فللأسف لم يبق لها شيء ولم يترك لها أي مجال للتحرك، ولا حتى التفاوض، فنحن اليوم باختصار شديد دولة نسير في فلك صندوق النقد رغما عن الجميع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شو ذنب المواطن ان يتحمل العبئ اذا كان المسؤول من ذوي الاحتياجات الخاصة مع اعتذاري الشديد من ذوي الاحتياجات الحقيقيين. الأصل في الحكومة ان توفر فرص العمل والمشاريع وكافة سبل العيش الكريم لا ان تعمل كلص لسرقة قوة المواطن وتعبه وعرقة . التجارب حول العالم كثيرة إسلامية وعلمانية وغيرها من التجارب وكلها تقول ان الرخاء او الضنك الذي يصيب الشعوب انما هو بفعل المسؤولين ومتسلمي زمام القيادة في تلك الشعوب.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى