ما بين الاستباحة والحصانة .. هل حقوق “الشخصيات العامة” مصانة ؟!.. صور

سواليف

ما بين الاستباحة والحصانة .. هل حقوق “الشخصيات العامة” مصانة ؟!
تقرير – هديل الروابدة

ان المتأمل بواقع حالنا على صفحات العالم الأزرق ، يصل الى مفترقات طرق تتعدد وتتنوع وجهة ومسافة.. ليجد نفسه في دائرة من الحيرة ، فالكراهية والشتائم والتلويح بالإيذاء والتهديد ، خاصة الشخصيات المشهورة والعامة والتي تحظى بمتابعة مئات الألوف من رواد السوشال ميديا الذين لاتخلو صفحاتهم الشخصية من استباحه لأعراضهم وتشكيك بمبادئهم وتخوينهم كلما سنحت الفرصة ، ما استدعى الوقوف على هذه الظاهرة البغيضة التي باتت تؤرق وتقض المضاجع ، فضرورة الحفاظ على تلك الشعرة المتهاكلة بين الانتقاد والإستباحة وبين الاستباحة والحصانة باتت واجبه وان لم تحفظها الأخلاق .. يحفظها القانون …

*لم يكد يتحرر من ظلمة سنين قضاها صهداً وترحاً في زنازين الأسر والاعتقال لدى الاحتلال الإسرائيلي، وما أن أبصرت عينيه شعاع الحرية في وطنه، حتى وجد نفسه مجدداً يقف وحيداً في مواجهة سيل من التهديدات التي تستهدف حقه في الحياة وتتعرض لسلامة أسرته وأطفاله ورزقه ..

سلطان العجلوني .. عميد الأسرى الأردنيين ، المدير العام لشركة “دريمر” للإنتاج الفني ، الإعلامي والناقد الساخر لكل الظواهر والسلوكيات الدخيلة والمشوهة لمجتمعنا ، وللسياسات المتناقضة أحيانا ، والذي يحظى بمتابعة مئات الألوف من رواد السوشال ميديا على اختلاف جنسياتهم وتوجهاتهم وآرائهم الدينية والسياسية والحزبية … لا تنتهي معاناته ، بسبب اختلاف وجهات نظر ، يبدأ بمنشور وينتهي بتهديدات وشتائم بالجملة.

العجلوني ، يشمر عن صمته ، و يقر بتلقيه تهديدات بشكل مستمر من حسابات وهمية واحيانا حقيقية ، بعضها عابر وينتهي بـ “حظر” وبعضها الآخر يكون مقصود وفيه من الجِدّة ما يستدعي لجم الأذى باتخاذ اجراءات امنية وقانونية ، وتقديم شكوى الى قسم الجرائم الالكترونية في مديرية الأمن العام .

ويعزي العجلوني تهديدات “كساري المجاديف” ، والتي تستبيح بلا رحمه ودون وجه حق ، حياته الشخصية و سلامته وسلامة أطفاله ورزقه ، الى اختلاف البعض عنه في الرأي ، ممن لا يعجبهم طريقة نقده الساخره بتلك المسحة المُشتَكِية التي ينهيها بتوقيع مشفر مثل #شي_غاد #أنا_مش_كيوت و #بس_بحكي ، لسلوكيات وسياسات مخجله ولا منطقية غالباً ، بالرغم من أن غاية قوله ومقصده ، تغيير المنكر بقلمه ، بطريقة تخترق القلوب والشدوق وترسم البسمة على قلوب أنهكتها تجاعيد الحياة ، تحمل معاني ضمنية يفهمها كل ذي لب حكيم .

يختم العجلوني حديثة مستنكرا رافضاً ، لمنح البعض الحق لأنفسهم في استباحة حياة واعراض وتفاصيل الشخصيات العامة على صفحاتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي التي تفتح ابوابها على مصراعيها للنقاشات الرزينة والنقد البناء الواقف عند خطوطه الحمراء

أما أحمد حسن الزعبي ، الكاتب و رئيس التحرير في موقع سواليف، محترف البلاغه والمجاز والكنايه والاستعارات والتضمينات والتوريات التي عشقها الكثيرون ، صاحب اللهجة الأردنية الدافئة والتعابير الصادقة ، ابن “كرمة العلي” ، يقول – و الهرج للجميع – عن تعرضه يومياً للتهديدات والشتائم بسبب مواقفه السياسية والإجتماعية التي يعبر عنها بمقالاته اللاذعه والتي تبدأ عادة بمثل أو جملة عامية ثم يتعبها بسرد قصصي على لسان شخصيات محلية قريبة الى القلب ، وبرنامجه “سواليف” الذي يقدمه وحيدا ، يتحدث فيها باللهجة “الرمثاوية” التي ترغمنا بساطتها وعفويتها على الضحك بالرغم من قسوة ما تنطقه من كلمات .

يلوم الزعبي ، بعض مهاجميه أو كما يسميهم “محتكري الإنتماء” أو “السحيجة” ، لأنهم يظنون أنهم وحدهم فقط من ينتمون للوطن ويحبونه بكل تفاصيله ، متناسين أن من مباديء حب الوطن ، تقبل الآخر واحترام رأيه ، ويلمح ، أن هذه الفئة تنظر للوطنية والانتماء من منظور ضيق ، فعباءة الانتماء أوسع واكبر من أن نحصرها بأشخاص ، فهي انتماء للارض والشعب والوطن بكل تفاصيله ، فالاشخاص يتغيرون وهذه سنة الحياة ، أما الوطن ، يبقى ما بقي الزمن .

وعرجت الذاكرة بالزعبي إلى وقت مضى ؛ حيث ذكر تعرضه لتهديدان جديّان بالقتل من شخصيات سياسية معروفة (تهديدان منفصلان) ، بسبب مقال وحلقة في برنامجه سواليف كان قد ذكر فيهما انتقاد “تصرفات” تخص هذه الشخصيات ، إلا أنه تقدم بشكوى رسمية للجهات الأمنية ، التي تدخلت وفضت الخلاف .

من جانبه أكد الناشط الإجتماعي ، وليد عليمات ، أن البؤرة الساخنه ونقطة الخلاف الذي يحرض البعض على التعدي بالقول والتهديد ، هي “الاختلاف في الرأي” ، والرد على الانتقاد بالشتيمة ، وخاصة اذا تطرق الطرح لقضايا حساسة ، فيتصدى أعداء حرية التعبير ، لصاحب الفكرة بالتهديد والشتيمة ، ويتسابقون للطعن في مبادئه الوطنية والدينية .

وكشف العليمات ، عن حاملي أبجديات الميل والتحيز، مستغلي “العشائرية” ، الذين يصدرون صورة مشوهه عن المجتمع الاردني ، ويظهرون العشائرية بمنظر الرجعية ، ويصورونها كمحامي أعمى للفساد ، وراعي رسمي للتحشيد الهجومي والانتقامي .. ويطفؤون الصورة المشرقة الحقيقية للعشائرية التي هي بؤرة المجتمع العام ، والمنبثق منها مبدأ التكافل الاجتماعي ، فكثير ما ساهمت العشائرية في اكمال دراسة ابنائها ، او تأمين دخول للعاطلين عن العمل من صندوق العشيرة ، وفض قضايا ثأر و مشاكل شائكة بالصلح والعطوات وغيرها .

وفيما يخص الشتائم والكراهية والتحيز الأعمى ، استشهد عليمات ،الذي اضطر لحذف اكثر من منشور على صفحته ينقد فيه ما حصل في مباراة فريق الفيصلي الأردني والترجي التونسي ، بما تبعها من أحداث ، تتابعت ارتداداتها بين طيات صفحات الفيسبوك ، وانقسام اصحابها الى مشجع للعنف الذي حصل بعد المباراه بحجة الانتقام ونابذ له بحجة افساد صورة “الفريق الأردني” والتسبب بعقوبات له ، وبين أخذ و مد وصد ورد ، اشتعلت الصفحات بالشتائم والتهديدات ، وانقلبت من مواقع تواصل الى مواقع تحشيد رأي عام ، خاصة بعد أن انتقد – من باب الحب والاحترام – مقال لكاتب أردني اعتبره عليمات مؤججا للنار وموقظ للفتن ، ما ضاعف الهجوم عليه من أقارب الكاتب وأفراد عشيرته – الذين نَكِنّ لها كل احترام- .

ويرى المحامي الدكتور صخر الخصاونة ، أن المجتمع يشوبة انعدام تربية احترام للرأي الآخر، وتنقصه ثقافة الحوار الموزون ، الهادف لنتيجة ، وليس الاعتراض لمجرد اثبات الوجود.

ويؤكد الخصاونة على ضرورة تقديم شكوى رسمية للمركز الأمني ، في حال وجود تهديدات محقّة ، الأقدر على تكييف الواقعة وتحويلها الى الجهة المعنية ، لمعرفة هوية المهدد ودوافعه .

ويقول الخصاونة أن القاضي سيحكم وفقا للمادة 11 من قانون الجرائم الالكترونية:

” تنص المادة (11) من قانون الجرائم الالكترونية رقم (27) لسنة 2015 على ما يلي :-
يعاقب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) ألفي دينار.”

والقاضي يحكم حسب حيثيات القضية ومقدار الأذي الواقع على المتضرر .

فيما يرى الدكتور موسى بريزات المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الانسان أن من حق أي انسان التعبير عن رأيه ما لم يتعدى على الأمن الوطني والأخلاق العامة والكرامة والحقوق الشخصية ، ولا يحق لأحد أن يمنعه من ذلك ، او ان يهدد اخرين لتعبيرهم عن آرائهم الشخصية.

ويؤكد بريزات على ان الدولة الأردنية دولة قانون وقضاء نزيه ، ولا يجوز لأحد أن يتخطى القانون ، و يلجأ لأساليب أخرى كأن يأخذ حقه بيده ، او بالتهديد بالايذاء وما الى ذلك .

ومن جهته ؛ يحذر الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي من التردد في تقديم شكوى الى المدعي العام ، ليصار الى تحويلها الى قسم الجرائم الالكترونية للتحقيق فيها من قبل المختصين ، لتحديد هوية الشخص و إلقاء القبض عليه ، وتحويله الى المحكمة ،ليصدر القاضي حكمه .

وينوّه السرطاوي ، الى أن الاستسلام للتهديدات او الشتائم والقدح والذم سيفاقم الظاهرة ، وستنتشر هذه السلوكيات المنافية للقوانين وللأخلاق العامة ، ومسؤولية ردعها تقع على عاتق الجميع .

أخبار البلد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى