ماذا وراء الهجوم على الشيخ الشعراوي .. الآن ؟

سواليف
تعرض الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي في الأيام الأخيرة لانتقادات شديدة من قبل بعض الكتاب والفنانين، اتهموه فيها بالتطرف والغلو الديني، ما دفع مؤيديه ومحبيه للدفاع عنه باعتباره رمزا كبيرا من رموز الاعتدال والتسامح الديني.

وكانت الإعلامية المصرية، أسماء شريف منير قد انتقدت الشيخ الشعراوي عبر صفحتها على الفيس في تعليق قالت فيه “طول عمري أسمعه (الشعراوي) مع جدي، لم أكن أفهم كل شيء آنذاك، لكن لما كبرت شاهدت فيديوهات، لم أصدق نفسي من شدة التطرف، كلام عقلي لم يستوعبه فعلا، وتعجبت حقيقة”.

ونظرا لما للشيخ الشعراوي من مكانة كبيرة في نفوس عامة المسلمين، فإن ما قالته بحق الشعراوي عرضها لانتقادات واسعة وقاسية على مواقع التواصل الاجتماعي، اضطرت معها للاعتذار بأنها لم تكن تقصد الإساءة له، وأنها أساءت التعبير عما كانت تريد قوله.

من جهته وصف الفنان المصري، خالد أبو النجا الشيخ الشعراوي في تغريدة له على تويتر بأنه “مثال صارخ للجهل بالعلم، بل تباهى بعدم قراءته لغير القرآن، الوهابية في أبشع تجلياتها”، ما عرضه هو الآخر لانتقادات شديدة من محبي الشيخ الشعراوي ومريديه.

ووفقا لمراقبين فإن الشيخ الشعراوي، المشهور بخواطره التفسيرية التي لاقت رواجا كبيرا في أوساط المسلمين، وتحظى باهتمامات واسعة، تعرض في سنوات سابقة لانتقادات شديدة، اتهم فيها بالتشدد الديني على خلفية بعض آرائه وفتاويه الدينية، والتي كانت تثير جدلا واسعا بين محبيه ومنتقديه.

وبحسب مستشار وزير الأوقاف المصري السابق، الدكتور محمد الصغير فإن “الهجوم على الشيخ الشعراوي هذه المرة ليس زلة لسان، وإنما توجه عام لهز الثقة في مفهوم التدين من خلال إسقاط رموزه، والدليل أنه خلال الأشهر الماضية تكررت نفس الهجمة من إبراهيم عيسى، ومفيد فوزي”.

وأضاف “نظام الحكم الحالي في مصر عسكري متسلط، وعقيدته علمانية متوحشة، ترى كل من لا ينضوي تحت لوائه من المارقين أو المتطرفين وإسقاط رمزية الشيخ الشعراوي عند جماهير المسلمين الذين انعقدت قلوبهم على محبته كالهجوم على البخاري عند العلماء والمتخصصين”.

وانتقد الصغير إقدام بعض الكتاب والفنانين على إطلاقهم وصف التطرف الديني هكذا بلا معرفة دينية موثوقة، حتى أصبح ذلك الوصف يطلقه الماجن على المتعفف، والفاسق على الناسك، دون أي ضوابط أو معايير” على حد قوله.

وتابع “من المعروف أن أصحاب كل تخصص يغارون على تخصصهم، ويرفضون الدخيل عليه إلا العلم الشرعي فهو كالكلأ المباح، وبالتالي أصبح من يملك الكلمة أو السلطة يستطيع أن يصم من يشاء بما شاء”.

وفي السياق ذاته أوضح الكاتب والباحث السوري، أحمد دعدوش أن “الشيخ الشعراوي تعرض لهجمات كثيرة في حياته وبعد مماته، لكن الموجة الأخيرة ملفتة للنظر، إذ بدأ الأمر بتعليق عابر لإعلامية غير مشهورة على صفحتها، ثم سرعان ما اعتذرت عنه، لكن مشاهير آخرين سارعوا لركوب الموجة، وإشعال فتيل الجدل”.

وواصل حديثه بالقول “لم يتعرض أحد لمثل هذه المحاولات من الاغتيال المعنوي أكثر من الشعرواي، فهو يحظى بمكانة فريدة في نفوس الجمهور، وكل ما يقال عن تشدده المفترض نجده لدى مفتين ودعاة آخرين أكثر تشددا منه ولا يكاد يتعرض لهم أحد”.

وأردف : “في عام 2013 أصدر الصحفي العلماني شريف الشوباشي كتابا بعنوان “لماذا تخلفنا؟ ولماذا تقدم الآخرون؟”، وخصص آخر ثلاثين صفحة منه لتقصي كل مقولة لا تناسب توجهه العلماني من أقوال الشعراوي على مدى عقود، حتى لو كانت مما أجمعت عليه الأمة، معتبرا ذلك “من أسباب تخلفنا”.

ولفت دعدوش إلى أن “هذا كله يذكرنا بتقرير مؤسسة راند الأمريكية الصادر عام 2007 بعنوان “بناء شبكات مسلمة معتدلة”، والذي أوصى بالتصدي لكل العلماء والدعاة “التقليديين” و “الأصوليين”، وبما أن الشعراوي محسوب حسب تصنيفهم على “التقليديين” فيجب إسقاط رمزيته والقضاء على منهجه بكل طريقة ممكنة، لإفساح المجال أمام الفئتين الأخيرتين من المسلمين وهما “الإسلاميون الحداثيون” و”العلمانيون”.

بدوره أوضح الكاتب والباحث المصري المتخصص في حركات الإسلام السياسي، مصطفى زهران أن “مصر منذ أفول نجم الإسلام السياسي تعيش حالة من عدم التوازن المجتمعي دينيا وثقافيا ومعرفيا، نتيجة هذا الغياب الذي رافق الفترة الأخيرة منذ سقوط حكم الإخوان المسلمين، إذ كانت ثنائية الإسلاميين والعلمانيين حاضرة بقوة في مشهد تنافسي كل له أنصاره وفريقه، ينتصر كل منهما لفكرته بعد أن يطرح أفكاره”.

أما اللحظة الراهنة، تابع زهران : في الواقع المجتمعي والسياسي في مصر، “فلا وجود للإسلام السياسي على الإطلاق، وأصبح هناك تيار بعينه يستأثر بالمشهد لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، لا تعرف ماهيته، أصبح بمثابة تيار ثالث يهدم تصورات وأفكار مجتمعية راسخة في أذهان العامة والخاصة على حد سواء”.

وطبقا لزهران فإن “ذلك التيار يتمركز بشكل دقيق في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ولا يعرف إن كان منظما أم يعمل بشكل عشوائي، الأهم أنه ليست لديه خطوط حمر، وهو ما برز في النيل من إمام الدعاة الشيخ الشعراوي، وكأنه فعل منظم، وليس عفويا”.

ونبه في ختام حديثه إلى أن ذلك التيار “يتوارى خلف فكرة التنوير بيد أنه يسعى إلى هدم القيم الدينية والخطاب الإسلامي الوسطي، وبذلك يفتح الطريق على مصراعيه نحو الفهم الراديكالي للإسلام من جهة، ومزيد من التفسخ والتراجع القيمي من جهة أخرى”.

المصدر
عربي 21
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى