داحس والغبراء بين عسكر السودان

#داحس و #الغبراء بين #عسكر_السودان

موسى العدوان

وقعت حروب كثيرة في الجاهلية، كان معظمها يتمحور حول الكلأ والماء، أو حول سباق الخيل والجِمال.

وبمناسبة تواصل الحرب بين الجنرالين المتصارعين حميدتي والبرهان في السودان، أرغب أن أذكّر بالقصة التالية التي يعرفها كثيرون :

في الماضي البعيد، كان لكل من قبيلتي عبس وذبيان ناقه ( انثى الجمل )، احداهما تحمل اسم داحس، والثانية تحمل اسم الغبراء.

وكما هي عادة العرب، أجرت القبيلتان سباق بين الناقتين في عرض عام أمام الجميع. وفي نهاية العرض اختلف الطرفان في أي من الناقتين، وصلت خط النهاية وسبقت الأخرى ؟ اشتد الخلاف بين القبيلتين، وأدى إلى نشوب اقتتال بينهما استمر لمدة أربعين عاما.

وعندما توقفت الحرب بين الطرفين، توصلا إلى عقد صلح بينهما، بعد فقدان عشرات الآلاف من الرجال، دون معرفة أي من الناقتين وصلت أولا، وفازت في السباق بهذه الحرب.

* * *

وعندما نتأمل في ما يجري حاليا على أرض السودان، نجد مع شديد الأسف، أن مشهد داحس والغبراء يتكرر اليوم مع الفارق، أن حرب الماضي تم خوضها بأسلحة بدائية، وكانت حصليتها فقدان أرواح كثيرة.

ولكن حرب داحس والغبراء التي تجري اليوم على ارض السودان، يتم خوضها بأسلحة متطورة، يذكّيها عسكريان متخلفان، هما حميدتي والبرهان، لتحصد أرواح الكثير من المدنيين الأبرياء، بأسلحة يفترض أن يتم استخدامها ضد أعداء السودان، وليس ضد ابناء الوطن الواحد.

وهنا أتساءل : ما هي الغاية من هذه الحرب العبثية، التي تعمل على تدمير السودان بأيدي أبنائه ؟ هل هناك أيد خفية تدفع الطرفين للاقتتال، بغرض تقسيم هذا البلد العربي، والاستيلاء على ثرواته ؟ أم هي إضعاف لموقف السودان تجاه إثيوبيا، التي تعطّش السودان وتحرم شعبه من حقه في مياه النيل ؟ أم لهذه الأسباب جميعا ؟ أليس من الأولى أن توجه جميع الجهود، نحو وحدة السودان، واستغلال ثرواته الوفيرة وتطوير حياة شعبه ؟

وهنا استغرب كيف يتمترس كل جانب خلف موقفه ليستحوذ على القيادة لشخصه، ويُفشل جميع محاولات الهدنة ووقف القتال حقنا للدماء ؟ وحتى الأنباء الواردة مؤخرا من السعودية بين وفدي الجانبين، لا تبشًّر برأب الصدع ووقف القتال بين الطرفين المتحاربين حتى الآن.

وأذا ما استمر التعنت في المواقف من الجانبين، فستكون العواقب وخيمة على السودان والأمة العربية بشكل عام. وفي هذه الحالة، أعتقد أن على الدول العربية وخاصة مصر، التدخل بالقوة وإنقاذ السودان من هذه المؤامرة الكبرى، التي تجري على أرضه، وإفشال حرب داحس والغبراء الحديثة، التي يشتد إوارها وتكثر ضحاياها مع مرور الزمن.

ختاما أرجو الله أن يحمى السودان، وأن يلهم قادته الهداية والرشاد لوقف القتال، والحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أهلها من المؤامرات الخبيثة، التي تسعى لتقسيمه وتدمير كيانه . . !

التاريخ : 9 / 5 / 2023

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى