لماذا غاب الخبراء العسكريون عن الشاشات الفضائية ؟

لماذا غاب #الخبراء #العسكريون عن #الشاشات #الفضائية ؟
موسى العدوان
كتبت في وقت سابق مقالا عمن يُطلق عليهم ” خبراء عسكريون “، ولكنني ترددت بنشره في حينه، تعاطفا مع الزملاء العسكريين، الذين يجدون في هذه الوسيلة مصدرا للرزق، فلم أشأ أن أقف عائقا في هذا السبيل. ولكن بعد أن ظهرت الحقائق وتبين عدم دقة #تحليل أولئك الخبراء، بنتائج #الحروب الدائرة حاليا في العالم، وغاب الخبراء عن الشاشات الفضائية، فقد حان الوقت لنشر ذلك المقال المؤجل كما كتب في حينه.

  • * *
    الخبراء العسكريون على الشاشات الفضائية
    موسى العدوان
    تطالعنا #المحطات #الفضائية هذه الأيام، بمقابلات لمن من تسميهم ” خبراء عسكريون “، ليتحدثوا عن مجريات الحروب الدائرة في مختلف أرجاء العالم، كي يبينوا توقعاتهم لمجرياتها ونتائجها. وفي هذه الحالة، يتبادر إلى ذهن المستمع السؤال التالي : من أين اكتسب هؤلاء ” الخبراء العسكريون ” خبرتهم في فن الحرب التي يتحدثون عنها ؟
    فمصطلح ” الخبراء العسكريون ” يُطلق على من خاضوا الحروب وامتلكوا مؤهلات عسكرية عملية، تمكنهم من إجراء التحليل المنطقي، والتنبؤ بسير العمليات العسكرية القائمة أو المحتملة مستقبلا. ويجب أن يكون الخبير دارسا لعلم #الحرب و #الاستراتيجية_العسكرية، في معاهد عليا متخصصة بهذا الموضوع.
    كما عليه أيضا، أن يكون عارفا بطبيعة الأرض التي تجري عليها العمليات، ومدركا لأساليب المناورة وعقيدة القتال، التي يعتمدها الطرفان المتحاربان. وتزداد أهمية وواقعية التحليل، إذا كان المتحدث قد شارك في حرب أو أكثر، وأكتسب خبرة ميدانية بطبيعتها ومآلاتها.
    وأما من أمضى خدمته في عمل إداري أو فني، أو قرأ في الكتب والكراسات العسكرية، أو درس في معاهد غير متخصصة بهذا الموضوع، أو من كان عمله إداريا أو فنيا داخل المكاتب، فلا أعتقد أن لدية القدرة والخبرة العسكرية، في التحليل الاستراتيجي لواقع العمليات في الميدان.
    إن من يُطلق عليهم ” خبراء عسكريون ” ونشاهدهم على الشاشات هذه الأيام، رغم عدم توفر الشروط المطلوبة في بعضهم ولكنهم يجيدون صف الكلام، فنجدهم يتحدثون عن الحروب في مختلف مناطق العالم، ابتداء من الصحراء الإفريقية، ومرورا بجبال اليمن وأفغانستان، إلى الأراضي الروسية/ الأوكرانية وغيرها من المناطق، وهم جالسون في مكاتبهم أو منازلهم.
    إنهم لا يعرفون طبيعة الأرض وساحة العمليات العسكرية، ولا يعرفون قدرات وعقيدة الطرفين القتالية، بل يعتمدون في خبرتهم على معلومات نظرية، جمعوها من النشرات الإخبارية والشبكة العنكبوتية، فتستضيفهم المحطات الفضائية على شاشاتها، لاستقطاب المشاهدين في متابعة تحليلاتهم الخيالية.
    وفي هذا المجال، لابد لي من التذكير بخبراء الحروب المشهورين أمثال : كلاوزفتز وليدل هارت وجومني وغيرهم، ممن خاضوا العديد من الحروب في عصورهم، ووضعوا النظريات التي ما زالت سائدة في فن الحرب حتى يومنا هذا.
    وبناء على ما تقدم، فلو أطلق على من يُسمّون اليوم ” خبراء عسكريون ” مصطلحا آخر: ك ” معلقين عسكريين “، لكان الوصف أكثر دقة من وصفهم بالمصطلح السابق. لأن كلمة خبير تحمل معنى عميقا، وليس من السهل توفره بمن يظهرون على الشاشات الفضائية هذه الأيام، لأنهم يفتقدون لخبرة الحرب التي تمنحهم الخبرة العملية في هذا المجال.
    ولهذا جاءت تحليلاتهم في الحرب الروسية / الأوكرانية الحالية، بعيدة عن النتائج المنظورة، الأمر الذي دفعهم للغياب ولو مؤقتا عن الشاشات الفضائية . . !
    التاريخ : 19 / 9 / 2022

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى