مشكلة خطوط / يوسف غيشان

مشكلة خطوط
قام غير المغفور له كارل ماركس (ما غيره) بالتقدم بطلب للعمل بوظيفة كاتب في شركة سكة الحديد، لكن تم رفض طلبه ، لأسباب غير سياسية على الإطلاق، فلم تكن الأجهزة قد تنبهت للسيطرة على مصادر الرزق الحلال في ذلك الزمان ، أتحدث عن عام 1860 تحديدا .
تم رفض طلب التوظيف ، لأن خط كارل ماركس كان رديئا ، مثل خط الدكاترة هالأيام ، ولولا أن زوجته ، وصديقه أنجلز، وبعض المريدين، كانوا يرقعون خلفه ويرممون اخطاءه الأملائية ، لما كتب ما كتب من فلسفة وفكر وسياسة غيرت وجعه العالم وما زالت قيد التاثير.
في تلك المرحلة الحرجة ماليا من عمر ماركس كتب يقول :
– لا أعتقد أن أحدا كتب عن رأس المال، وهو يعاني من نقص المال، قدر ما أعاني.
بالنسبة للخط الردئ، فقد كنا في المطبخ الصحفي نتعاطى بالسر مصطلح(خطّه حلو) ونقصد بذلك الزملاء في ذات الوسط، الذين يقدمون التقارير عن الشباب. وهو تعبير لطيف وساخر وبديل عن (مخبر صادق) الذي انحرق اخلاقيا من مرحلة الخمسينيات.
احد الزملاء، من أصحاب الخط الحلو، وفي احدى الإحتجاجات الإعلامية على قانون المطبوعات والنشر قرب مبنى رئاسة الوزراء ، تعرض للضرب، ولما سالناه عن سبب ذلك، وهو يعتبر من عظام الرقبة، قال بنغاشة :
– كل ما في الأمر انه سوء تنسيق بين الأجهزة.
والعبارة حكيمة تماما ، ويمتد تأثيرها في الأقتصاد والسياسة والإنتخابات وردود الفعل الحكومية ، وردود الفعل الحزبية ،والطوشات العشائرية والبرلمانية والصلحات والعطوات والجاهات …. كل ما يحصل عندنا من اخطاء وممارسات يومية مغلوطة .
كل ما يحصل، فيه قدر من سوء التنسيق بين الأجهزة. …. ولو تحسن الأداء في هذا الجانب ، نكون قد حللنا اصعب مشكلة بأسهل حل .
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى