لا عزاء للنواب…!

لا عزاء للنواب…!
د. مفضي المومني

بداية، موضوعي ليس ما يتناوله الناس هذه الأيام بما يخص أعضاء مجلس النواب، وهم لا يُحسدون على وضعهم، فلا هم قادرون على إرضاء الشعب، ولا هم قادرون على مناكفة الحكومة، لأن الطريق بين الحكومة والشعب سالكة، والعلاقة سمن على عسل، حتى أن الناس تتندر( مجلس النواب هو اللي كاين مخرب علاقتنا مع الحكومة… !)، مجلس النواب أصبح مدجنا وضعيفا وليس له تأثير ولا يلبي تطلعات الناس، واستثني دورة 1989 حيث كان أقوى مجلس بعد عودة الحياة البرلمانية أيام الراحل الملك حسين، والأسباب معروفة حيث سعت الحكومات المتعاقبة لإضعاف المجلس وتحويله إلى ديكور كما قال أحد اعضاءه..! ، ولست مع إلغاء المجلس كما يطالب البعض، بل مع تقويته وجعله مؤثراً ، من خلال حياة وممارسة سياسية ناضجة، تبتعد عن الشعبوية والمنظرة، والبحث عن دور ومركز إجتماعي حتى لو كان صورياً..!.
ما يؤرقني ويدعوني للكتابة في هذه الأيام وبما يخص النواب، فنحن لا نطلب منهم أدوار، بكل صراحة الحكومة تفوقت على ذاتها وتدير الأزمة بكل حرفية، ما امكنها ذلك، والشعب والجيش والجهات الأمنية جسم واحد من أجل الوطن، لكني أبحث في هذا المقال عن نواب (البزنس) وأستثني بعض النواب (الذين ليس لديهم ثروات وافرزتهم عشائرهم)، ولدي سؤال لكل منهم أي نواب البزنس؛ كم صرفتم على حملاتكم الإنتخابية للحصول على مقعد المجلس؟ معروف أن البعض صرف ما يزيد عن مليون دينار والبعض أقل لكنهم معروفون بأنهم أصحاب مصالح وشركات وبنوا ثرواتهم في هذا البلد من خيره إن كان حلالاٍ، ومن المال العام سحتاً، إن كان حراماً، وما زال اغلبهم يبنون ثرواتهم من خير الاردن وشعبه، فإذا كان المقعد النيابي يجعلك تبذل الغالي والنفيس والملايين للحصول عليه، وأنت جاهز لتكرار ذلك في الدورة القادمة وصرف عشرات الآلاف على حملتك الإنتخابية من أجل مقعد في برلمان الوطن، فماذا عساك تدفع إذا كنت ستكسب الوطن؟ غالبية أعضاء المجلس من أصحاب رؤوس المال والثروات، عيب أن يختبئوا خلف تبرع هزيل من راتبهم بالمجلس، وقضية الراتب عليها أصلاً لغط دستوري في مشروعيتها، حيث أن النيابة تطوع، والنائب ليس موظف حكومة، وفي اليوم الذي استجدى النواب الراتب والتقاعد من الحكومة ذهب ريحهم…!
أتمنى على كل نائب شريف وأعتقد أنهم كلهم أبناء وطن وغيورين عليه، أتمنى عليهم أن يتبرعوا بنصف تكلفة حملتهم الإنتخابية السابقة أو اللاحقة(ومسامحينكم بالمناسف والكنافة والعشرينات والخمسينات تبعات شراء الذمم وألأصوات)، وبعضهم قادر على التبرع بأكثر من ذلك، هذا ما سيسجله التاريخ لكم، واعني المقتدرين منهم واؤكد ان البعض أوضاعه المالية على قده..! وأما مجلس الأعيان فحكاية أخرى، منهم من شبع مناصبا، وبنى ثروةً من خير هذا البلد لا نحسده عليها إن كانت حلالاً ، وأما الحرام فحسابه عند الله لأن الحكومات عندنا لا تحاسب!، فإذا لم تفزعوا للوطن في هذه الأزمة فمتى ستفزعون؟ ولم يبقى في العمر الكثير لأغلبكم(وألاعمار بيد الله وأتمنى للجميع العمر المديد بخدمة الوطن ومرضاة الله)، غالبيتكم لديكم أرصده وأطيان وثروات، والوطن بحاجة في هذه الفترة، فلا ترتجف أيديكم ولا تختبئوا خلف جدران بيوتكم، كلكم معروفون وننتظر تبرعاتكم، ولا ننتظر أي تصريحات ولا وجهات نظر ولا تنظير(مش وقته)، طبعا الكلام موجه لكل أصحاب الثروات في بلدنا بأن يُجزلوا في عطاء الوطن، فماذا ستفيدكم أموالكم بعد مغادرة هذه الحياة؟ ما تقدموه من خير وفعل هو ما ستجدوه في آخرتكم، اصحاب الثروات في الغرب والأمثلة كثيرة سَخروا كل ثرواتهم وتبرعوا بالمليارات والملايين لخدمة بلادهم، لأنهم يفهمون أن الوطن وطن، وليس مزرعة نأخذ منها وقت الرخاء ونهجرها وقت الشدة، والحمد لله المطارات مغلقة وليس هنالك بلد يُؤي من يريد الهروب، إما أن نحيا سوياً وإما أن نقضي سوياً، لكن أملنا بكم كبير، فهبوا لنجدة وطنكم دون رجفة او خيفة فبلدنا يستحق، حمى الله الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى