للترامادول مآرب أخرى.. استخدامات غير طبية واستغلال سياسي للمواد المخدرة بالدول العربية

#سواليف

عندما يأتي اسم ” #الترامادول” أو ” #الكبتاغون” أمام كثير من الناس فإنهم ينظرون إليها كمواد مخدرة ذات تأثير سلبي على كل من يتناولها، هذا أمر صحيح ومفهوم، لكن هذه العقاقير ورغم وجود استخدامات طبية شائعة لها فإن استخدامها بين الناس تجاوز هذه الاستخدامات، بل وصل الحد إلى تورّط #حكومات وجهات رسمية في تصنيعها أو توزيعها أو حتى تسهيل تداولها.
الترامادول والكبتاغون

الترامادول هو مسكِّن للألم، يعمل على مستوى الجهاز العصبي المركزي، يُستخدم الترامادول طبياً لعلاج الألم المتوسط ​​إلى الشديد، خصوصاً بعد #الكسور الكبيرة والعمليات الجراحية الشديدة و #مرضى_السرطان.

ينتمي الترامادول إلى فئة من العقاقير تسمى #مسكنات الألم الأفيونية، وبالتالي فهو يعمل على المخ، وتحديداً على مستقبلات معينة، تعطي تأثيراً مشابهاً لتأثير المورفين، ما يغير من الطريقة التي يشعر بها الجسم ويستجيب بها تجاه الألم.

ولأن الترامادول مشابه لتأثير المورفين فهو يعطي أيضاً بعضاً من الآثار الجانبية للمورفين، أبرزها الإدمان، كما يسبب الشعور بالنشوة والسعادة، لذلك يستخدمه مدمنو المخدرات.

في المقابل، الكبتاغون هو الاسم التجاري الشائع لمادة فينيثايلين، وهو عبارة عن عقار ناجم عن دمج عقاري الأمفيتامين والثيوفيللين. ولأنه مشتق من مشتقات الأمفيتامين، فإن الكبتاغون يستخدم كمادة منشطة للجهاز العصبي المركزي (بينما الترامادول مسكن له)، مسبباً شعوراً باليقظة والطاقة والحيوية، ويزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم، كما يسبب الإدمان.

يُذكر أن الترامادول يُسمح بتداوله في عديد من الدول، لكن بوصفة طبية، بينما تمنع أغلب الدول تداول الكبتاغون.
سوريا.. معقل تصنيع الكبتاغون

أنتج الكبتاغون لأول مرة في ألمانيا في ستينيات القرن الماضي، للمساعدة في علاج اضطرابات نقص الانتباه وحالات مرضية أخرى، ثم حظرت منظمة الصحة العالمية إنتاجه وتداوله عام 1986، كونه يسبب الإدمان. لكن استمر إنتاج الكبتاغون بشكل غير قانوني في شرق أوروبا، ثم في المنطقة العربية لاحقاً، وأصبح ذائع الصيت في الصراع السوري الذي اندلع في أعقاب احتجاجات مناهضة للحكومة في 2011.

عُرف هذا العقار في تلك الفترة باسم “مخدر الجهاد” أو “كوكايين الفقراء”، خاصة أنه يتميّز بالقدرة على مقاومة النوم والجوع، لذلك استُخدم الكبتاغون من قبل المقاتلين، بمن فيهم مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، حتى لا يغلبهم النعاس في صفوف القتال الأمامية.

في تحقيق مشترك أجراه قسم التحقيقات في “بي بي سي عربي”، وشبكة الصحافة الاستقصائية “OCCRP”، تم الكشف عن وجود صلات مباشرة بين تجارة مخدر الكبتاغون وبين شخصيات قيادية في القوات المسلحة السورية وعائلة الرئيس السوري بشار الأسد.
تجارة الكبتاغون في سوريا، تعبيرية/ عربي بوست

وتحدث التحقيق عن حاجة الدولة السورية لهذه التجارة سيئة السمعة من أجل البقاء، لأن حجم إيرادات الحكومة السورية أقل كثيراً من ميزانية الدولة، وبالتالي إذا توقفت عائدات الكبتاغون يصعب على نظام بشار الأسد البقاء، إذ يدر عليه عدة مليارات من الدولارات في العام.

وتقول مصادر إن الكبتاغون ينتج في مصانع صغيرة على طول الحدود السورية اللبنانية، وكذلك في مصانع أكبر حجماً بالقرب من الحدود السورية مع الأردن، وتشير التقديرات إلى أن سوريا تنتج قرابة 90% من إجمالي الكبتاغون في العالم.

وتمثل هذه التجارة صداعاً قوياً لكثير من الدول المحيطة، لأنه يتم تهريب الكبتاغون إلى دول عديدة مثل السعودية والأردن، بل وصل إلى دول أفريقية وأوروبية أيضاً.

من هنا أصبح الكبتاغون أقوى أدوات نظام الأسد، ليست ورقة اللاجئين ولا موقع سوريا الاستراتيجي أو تحالفه مع روسيا وإيران، بل هذا المخدر الذي لا تستطيع الأجهزة العربية والعالمية وقف انتشاره.

وصار مخدرٌ الكبتاغون الذي يُسبب الإدمان بمثابة شريان حياة للاقتصاد السوري طوال عقدٍ من العزلة، ثم تحوّل اليوم إلى ورقةٍ للمساومة في يد النظام السوري -بالتزامن مع محاولته تطبيع علاقاته مع الدول المجاورة، حسبما ورد في تقرير لشبكة CNN الأمريكية.
مصر.. واحد من كل عشرة

تشير إحصائية لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي في مصر عام 2017، أن نسبة تعاطي المخدرات بين المصريين وصلت إلى 10%، أي ما يزيد عن عشرة ملايين مصري. ويعد الترامادول أكثر أنواع المخدرات المصنّعة انتشاراً بين المدمنين في مصر بنسبة 28.71%، ثم يليه الحشيش بنسبة 23.21%، ثم الهيروين بنسبة 15.78%.

انتشرت في مصر بعض الاتهامات من محسوبين على النظام المصري ضد ثوار ثورة 25 يناير، بأنهم كانوا يتعاطون الترامادول في ميدان التحرير وقت الثورة. هذا الاتهام كان يحمل إشارة إلى كون هؤلاء الشباب مجرمين وبلطجية وليسوا ثواراً حقيقيين، لكن في الحقيقة ظلّ الاتهام مرسلاً دون دليل.

على الجانب الآخر، ربما يكون بعض من هؤلاء الشباب قد استخدم الترامادول بالفعل، لكن ليس لغرض الشعور بالانتشاء، ولكن للمساعدة على الانتباه واليقظة والسهر لساعات طويلة، في وقت كانت تحدث فيه كثير من الاشتباكات. لكن أيضاً كانت هذه أقاويل دون دليل ملموس.
السيسي
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي – رويترز

الاستغلالات السياسية للترامادول لم تتوقف على هذا الحد في مصر، فقد صرَّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقول إن مصر يمكن أن تشهد اضطرابات وفوضى تستمر لأسابيع من خلال حشد 100 ألف شخص لديهم ظروف صعبة جداً “مقابل حصولهم على أموال وترامادول”، وذلك قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية، وهو ما حلله البعض بأنه تلميح لما يمكن أن تفعله بعض الجهات المعارضة دون أن يسميها.

يُذكر أنه ينتشر بين المصريين فكرة تناول أقراص الترامادول بين فئة “البلطجية”، خصوصاً قبل دخول الشجارات، كونه يساعدهم على تحمل الألم.
رشاوى انتخابية

مع انتشار استخدام الترامادول في مصر، رصدت بعض الجهات الحزبية استخداماً آخر للترامادول. في أكتوبر/تشرين الأول 2015، رصدت غرفة عمليات الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وجود رشاوى انتخابية في الانتخابات البرلمانية، تتمثل في شراء الأصوات باستخدام أشرطة عقار الترامادول، طبقاً لما نقلته بعض وسائل الإعلام.
العمال في الخليج

رغم أن الحديث عن الكبتاغون في الخليج (السوق الأساسي لترويجه) يتم باعتباره مخدراً للحفلات، ولكن انتشاره يمتد إلى أبعد من ذلك، بل أبعد من الأثرياء الذين يتناولونه لمجرد المرح والترفيه، إذ يتناول الكبتاغون عمال ومهاجرون أيضاً، كونه رخيص الثمن، ويمكن تعاطيه بشكل سري لصغر حجمه.

رصد تقرير لموقع euronews نماذج لعمال يعملون في الخليج، والذين يتناولون الكبتاغون، وأحد السعوديين ينفق حوالي 40 دولاراً على تلك الحبوب، التي جعلته يعمل ليومين أو ثلاثة دون توقف، وهو ما ضاعف من أرباحه على حد قوله، في مجال قيادة سيارات الأجرة، مدفوعاً بالنشوة التي يشعر بها.

وذكر عامل مصري في قطاع البناء أن رئيسه في العمل كان يدس له تلك الحبوب في قهوته كي يعمل بنشاط أكثر، ولمدة أطول، وهو ما جعله في نهاية الأمر مدمناً، بحسب ما نقله التقرير.
ربات البيوت أيضاً

بحسب تقارير إعلامية تلجأ بعض ربات البيوت أيضاً إلى تناول الترامادول، للمساعدة على تحمل أعباء ومسؤوليات المنزل والحياة، وتوفير القوة اللازمة، غالباً ما يقع هؤلاء الأشخاص فريسة للترامادول بعد نصيحة من أحد الأصدقاء تخبرهم بأن تناول هذه العقار بكميات ضئيلة سيمنحك القوة اللازمة، ولن يسبب آثاراً جانبية مثل الإدمان.

لكن غالباً ما يفاجأ هؤلاء الأشخاص بأنهم وقعوا فريسة للإدمان، إذ إن الحصول على نفس القوة والنشاط بانتظام أصبح يستلزم رفع الجرعة تدريجياً، فيبدأ المدمن إدراك حقيقة أنه مدمن، ولكن بعد أن تتملك منه تلك السموم لتدمره.
تزايدت نسب الإدمان على المواد المخدرة في السنوات الأخيرة بشكل كبير عالمياً – iStock
سائقو الشاحنات

يقبل عادة على الكبتاغون والترامادول سائقو الشاحنات، الذين يسافرون لمسافات بعيدة ويريدون البقاء يقظين لساعات طويلة. فالكبتاغون له تأثير منشط ويزيد من حالة اليقظة والنشاط والانتباه، بينما الترامادول له أثر جانبي شهير يتمثل في إصابة متناوله بالأرق، لذلك يلجأ بعض سائقي الشاحنات في دول عربية لتناول هذه العقاقير رغم خطورتها.
إنقاص الوزن

من بين الاستخدامات غير الطبية الشائعة للعقاقير المخدرة استخدامها طلباً لإنقاص الوزن، إذ تمثل خسارة الوزن هاجساً كبيراً عند بعض الأشخاص، وخصوصاً الفتيات، ويسعى هؤلاء لخسارة الوزن بأي وكل طريقة ممكنة، حتى لو كانت لها تأثيرات سلبية واضحة وكبيرة.

يمكن أن يسبب الترامادول فقدان الوزن كأثر جانبي، خاصةً عند تناوله لفترات طويلة من الزمن، وذلك لأن الترامادول يمكن أن يقلل الشهية، كما يسبب إحساساً بالغثيان والقيء، ما قد يجعل الإنسان غير قادر على تناول الطعام. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يتداخل الترامادول مع قدرة الجسم على تنظيم عملية التمثيل الغذائي.

الأمر نفسه يتكرر في الكبتاغون، إذ يعمل الكبتاغون على تحفيز الجهاز العصبي المركزي، ما يؤدي إلى زيادة النشاط البدني والشعور بالنشاط والحيوية، ما قد يؤدي إلى فقدان الشهية، كما يسبب فقدان الرغبة في تناول الطعام ويزيد من معدل الأيض والتمثيل الغذائي.
الطلبة والرياضيون

أحد الاستخدامات غير الطبية وغير الجيدة للعقاقير المخدرة هو الحاجة لاستذكار الدروس لساعات طويلة، وحصول الطلاب على ساعات إضافية من المذاكرة.

الكبتاغون والترامادول يسببان قلة النوم، وبالتالي يستطيع الطلبة مداومة المذاكرة لساعات إضافية بشكل جيد، خصوصاً في فترة الامتحانات.

أيضاً بعض الرياضيين يلجأون- للأسف- لاستخدام مثل هذه العقاقير المخدرة، خصوصاً أولئك الذين يحتاجون للتدريب لساعات طويلة. الترامادول يمنحهم ذلك التسكين للألم، ما يجعلهم يتحملون التدريبات العنيفة لوقت طويل، والكبتاغون يمنحهم مزيداً من النشاط واليقظة والانتباه.
المشكلات الجنسية

من بين أسباب شهرة وانتشار عقار الترامادول في مصر سمعته كمنشط جنسي، في الواقع لا يمثل الترامادول حلاً لمشكلة الانتصاب التي يعاني منها البعض، لكنه يمثل حلاً جيداً ومجرباً لمشكلة سرعة القذف، فهو يعالج المشكلة الشهيرة المعروفة بسرعة القذف، وهذا ما أثبتته بعض الدراسات بالفعل.

ونتيجة لانتشار هذه المشكلة بين المتزوجين في مصر، خصوصاً مع ضغوط الحياة اليومية والأزمة الاقتصادية، تظهر مشكلة سرعة القذف هذه كثيراً، حتى بين الشباب المتزوجين حديثاً.

المصدر
عربي بوست
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى