لا تنتظروا الأسوأ / عارف عواد الهلال

لا تنتظروا الأسوأ

ما يمر به الوطن ومنذ أكثر من عقد من الزمن صار فوق طاقة المواطن على الاحتمال، فغدا الضيق يعاند الصبر، وصار أرباب الأسر أكثر ضجرا، وتزداد الشكاوى من الكبار، ويعلو التذمر من الصغار، حتى يكاد المرء يسأل نفسه كيف تسير الأمور بتعداد الأيام الثقيلة المثقلة بالهموم، وهو لا يملك أقل القليل لتصريف شؤون يومه في أبسط الاحتياجات.
كل حكومة تأتي تطالب المواطنين بالصبر الذي يكاد ينفد، وهي لا تكلف نفسها بشيء منه، وتنادي بشد الأحزمة التي تلاشت وهي تترفل بالرفاهية الباذخة، فخلقت شعورا عاما عند الناس مخالفا لتصرفاتها، وتنامى في نفوس العامة الذين لا يفتقدون الحس الوطني أن الحال من سيء إلى أسوأ، وبات المواطن على قناعة بأن محدودية الموارد التي تتذرع بها الحكومات من عقود طويلة ما هي إلا ذريعة لا تتوافق مع رواتب بعض الطبقات الوظيفية.
معدل الرواتب الاعتيادية لغالبية الموظفين لا تقيم الأود بعد أن تآكلت قيمتها الشرائية مع الارتفاع المتوالي في الأسعار الذي لا يرافقه حزم من الرقابة الحكومية لقمع جشع الطامعين من التجار، والحد الأدنى للرواتب لا يساهم في رفد دخول الأسر كونه لا يكاد يكون أكثر من “مصروف شخصي” للعامل الذي لا يشعر بأمان المستقبل طالما أن عائد عمله لا يؤمن له متطلباته الضرورية في حدودها المعقولة، فلجأ الكثيرون من الشباب إلى ابتكار أساليب للتحايل على الحياة، فظهرت جرائم لم يعهدها المجتمع الأردني من قبل، وبعضهم من اتجه إلى الانحراف الأخلاقي.
للحكومات، بالإضافة إلى واجباتها السياسية والإدارية دورها في التربية والتوجيه، وتحصين المجتمع بتقوية الروابط الأخلاقية بين نسيجه، والحيلولة دون انزلاق فئات من البنية الاجتماعية إلى الانحطاط جراء الفقر المدقع، لا أن تكتفي بعقاب هذا الذي سيصفه قانون العقوبات عند تكييف التهمة بأنه “مجرم” وحسب.
إن محاولاتنا إظهار الأوضاع بأنها حسنة –وهذا ما نتمنى- لا يجعلنا ننكر أن هنالك سوءا ينتشر وبتسارع أكثر من القدرة على التفكير في الأوقات الحرجة، فالسكوت عليه آنيا، وإغماض العيون عن أسبابه وقتيا لا ينفي وجوده، فإما أن تكون الجرأة في الإقدام، أو أن ننتظر الأسوأ –لا قدر الله-

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى