لأجلهم …! 

لأجلهم …! 

بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران

قبل أيام أظلنا شهر الخير والبركة شهر #رمضان المبارك لنعيش معه جمالية روحانياته التي ما تلبث إلا وتغادرنا بعد أيام معدودات، جعلنا الله وكل من يمر بين هذه السطور من #الفائزين فيها بالأجر والثواب.  

ونستذكر في هذه السطور كثير مما كنا نسمع من والدينا في شبابنا مما لا نأخذها على محمل الجد في حينه، بل وربما أخذها بعضنا بشيء من السخرية والاستهزاء، ولا نعي حقيقة معانيها إلا بعد انقضاء السنين الطويلة من عمرنا وتجربتنا لها بأنفسنا، وفي المقابل نجد في حياتنا كثيرون ممن يبادروننا في كثير من المرات باللوم على الحرص على التمسك بالقيم والعادات والتقاليد وعملنا على تطبيقها في حياتنا بل وتعليمها لأولادنا ونقلها لهم مهما واجهتنا من الصعاب والتحديات في حياتنا.  

مقالات ذات صلة

فكثير منا كان يسمع من والديه أنه لن يعي حقيقة معنى #تربية_الأولاد إلا بعد أن يعيش التجربة بنفسه، وهي الحقيقة الواقعة التي يعيشها الكثير منا في حياته اليوم، وهنا يتبادر لنا سؤال مهم ترى ما هو العنصر الأهم في تربية أولادنا هل هو أولادنا ذاتهم أم هو نحن معشر #الآباء و #الامهات، والإجابة بلا شك تحتاج التعمق في الأمر فنرى على سبيل المثال عتيبة ابن أبي لهب عم النبي عليه الصلاة والسلام، والذي كان من الضالين بسبب شدة ضلال والده أبي لهب، وهو من لقبه قومه بكنيته “أبي لهب” بسبب شدة جماله حتى أن وجهه كان يتشرب حمرة مميزة تشبيهاً لخروج اللهب من وجهه إلا أن هذا الجمال وهذه المكانة لم تفده بشيء، بل كان سوء خلقه وإتباعه لسبيل الغواية وحربه لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام سبباً رئيساً في ضلال ابنه عتيبة الذي جعل هدف حياته مع والده إيذاء رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في نفسه ودينه، حتى جاءه وقال له: أنه كافر برسالته وبصق أمامه وطلق ابنته أم كلثوم وكانت زوجته بأمر من والده إمعاناً في أذيته عليه الصلاة والسلام، فكان أن سلط الله عليه الأسد فهلك على يده كما هلك والده أبو لهب بعد معركة بدر بسبع ليالي بمرض خبيث منع أي أحد من الاقتراب إليه، حتى حفروا له حفرة ثم دفعوه إليها بأخشاب طويلة حتى وقع بها ثم غطوها بالتراب، ومن هنا يتضح معنى قوله تعالى في الآية 82 من سورة الكهف: “وكان أبوهما صالحاً“، فدور الأب والأم في تربية ولدهم وصلاحه وتربيته على احترام عاداته وتقاليده لتعزيز مكانة الآباء والأجداد الذي عاشوا وماتوا وهم يحافظون على هذا الإرث أمر أساسي في تربية الولد.  

وقد تواترت الروايات الكثيرة عن كثير من السلف الذي كانوا يجتهدون في إصلاح فساد أنفسهم لأجل أن يكونوا سبباً في صلاح أولادهم، وعلى عكس ذلك كان هناك من كان فسادهم سبباً في فساد ذرياتهم، وإن كانت القاعدة لا تعمم ولا بد فيها من حالات شذت عنها بكل تأكيد، لكننا نرى برغم ذلك في قصة سورة الكهف كيف حفظ الله الكنز للولدين بصلاح جدهما السابع.  

يقول أحدهم: كان لي صديق ذا منصب رفيع لكنه كان يكرس معظم وقته لعمل الخير، فقلت له يوماً لماذا لا تكرس عملك في وظيفتك بدلاً من قضاء الساعات الطويلة في أعمال الخير، فقال لي: أن له ستة من الأولاد وأنه يشعر أنه مقصر في تربيتهم، ويخاف عليهم من الانحراف وأن من نعم الله عليه أنه كان يرى أنه كلما خصص من وقته لأعمال الخير رأى ذلك في صلاح أولاده.  

لذلك كان من الأهمية بمكان محافظتنا على عاداتنا وتقاليدنا وإرث مجتمعاتنا وحرصنا على القدوة الحسنة لأولادنا، وربما كانت من أجمل المبادئ في حياتنا التربية بالقدوة، بأن يرى أولادنا فينا القدوة الحسنة الطيبة بدلاً من تربية البعض لهم بالصراخ والأوامر والألفاظ الغير مناسبة وتركهم نهباً للذئاب الضالة في مجتمعاتنا والتي تترك أسوأ الأثر في نفوسهم، ذلك كله لأجلهم حتى يشقوا طريقاً نقياً في هذه الحياة، وليس لأجلهم فقط بل لآبائنا وأجدادنا الذي تعبوا وتحملوا الصعاب حتى تصل هذه العادات والتقاليد الطيبة التي تربينا عليها إلينا، فلأجلهم هم أيضاً كان حقاً علينا المحافظة على جميل إرثنا ونقله لأجيالنا القادمة لتكون حصناً منيعاً لهم بإذن الله في وجه الكثير من الشوائب والخروج عن الأعراف الذي انتشر هذه الأيام في مجتمعاتنا للأسف، حفظ الله لكل عين رجاها وأقر عيوننا بذرياتنا وجعلنا ممن يحفظون جميل خيوط مجتمعاتهم وأعرافهم وتقاليدهم ويصلونها خير الوصل من الأجداد وحتى الأبناء.  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى