الـنـسـور وَ أكــذوبـة نـيـسـان…!!! / د . ناصر نايف البزور

الـنـسـور وَ أكــذوبـة نـيـسـان…!!!
يا رَبَّاه كمْ نحنُ شعبُ مزاجي وغير منطقي وغير مُـنـصف في تعاملنا مع الأمور!!!

ما زلنا جميعاً نعيش الاجواء الروحانية لـ “كذبة نيسان”؛ وهي كذبة بيضاء يُمارسها مُعظّمُ سُكّان الكوكب من شماله إلى جنوبه، و من بينهم بعض ملايين الأردنيين دون استثناء، وبعضُهُم انشغلوا بنشر الفتاوى الشرعية التي تَنُص على تحريم هذه الكذبة (وقبلها يوم الأم و ذكرى المولد النبوي، وهذا ليس موضوعنا)!

المُشكلة أنَّ جميع الاردنيين الذين مارسوا كذبة نيسان واستمتعوا بها و حتّى الذين حرّموها قد شنّوا هجوماً بريّاً و جوِّياً و بحريَاً على دولة رئيس الوزراء الأفخم “حبيبنا أبو زهير” فور تصريحه يوم أمس بأنَّه لمْ يسمعْ بأيِّ حالة فساد واحدة في الأردُن طوال السنوات الخمس الماضية!

فالبعض قام باتهامِه بالكذب؛ والبعض اتَّهمهُ بالتدليس؛ والبعض اتَّهمهُ بمخادعة الأردنيين؛ بل و اتَّهمهُ البعض بالخرف على حدِّ قولهِم! و هذا ظلمٌ كبير لقامة كبيرة كقامة أبي زهير!

مقالات ذات صلة

أوليسَ هذا أمرٌ عُجاب بِحَقِّ ربِّ الأرباب؟! لماذا قَبِلَ جميع الأردنيين بالتعامل مع كُل أمر غريب أو مُخالف للواقع ببساطة على أنَّه “كذبة نيسان”، فضَحِكوا و هيَّصوا و شَيّروا تلك الأكاذيب! في حين أنَّ هؤلاء الملايين أنفسهم أخذوا ما قاله دولة رئيس الوزراء على مَحمَل الـجَـد!

أوليسَ مِنْ حَق “دولته” أن يُشارك الأردنيين فرحتهم واحتفالاتهم فَيُدلي بدلوه بكذبة نيسان على طريقته الخاصة؟!! أم يا تُرى أنَّه “حرامٌ على بلابله الدوح*** حلالٌ على غيره مِنْ كُلِّ جنس”، على رأي أمير الشعراء شوقي!

يا جماعة الخير، كُلُّنا نعلمُ أنَّ أبا زهير رجُلٌ “خبير” كما اعتاد على وصف نفسه، وهو أكثَرُنا علماً بوجود الفساد مِنْ عدمه؛ وهو يعلم التفاصيل الكثيرة عن جميع قضايا الفساد وشُبهات الفساد صغيرها و كبيرها؛ كيف لا وقد قامَ مصطفى البراري رئيس ديوان المحاسبة السابق (والذي قام أبو زهير بنقله أو زحلقته قبل شهور) بتقديم التقارير المُفصَّلة والمكوّنة من آلاف الصفحات، وتسليمها باليد لدولة الرئيس! فكيف تعتقدون أنَّ أبا زُهير يُمكِنُ أن يغفل عن تلك التقارير وألارقام الدقيقة وهو رجُل مُتَمَرِّس في لُعبة الأرقام!

يا جماعة، الحبيب أبو زُهير زلمة صاحب حس مُرهَف و غَنِي بالدعابة، و قد أرادَ أن يُداعبكَم بتقديم حصَّته من الفكاهة فقامَ بنشر “أكذوبة نيسان” الخاصة به والتي تتناسب مع خبرته و منصبه!

و لنتذكَّر يا جماعة الخير أنَّ ” كذبة نيسان” هي ترجمة سيِّئة للنسخة الإنجليزية لعبارة “First/All April Fools’ Day”! أذاً فالقضية تختص بـ “FOOLS” أي “الحمقى”، و ليست في الكذبة نفسها أو فيمن يقوم بالكذب و الخداع؛ ولكنَّها تتعلَّق بالحمقى الذين يُمكِنُ أن تنطلي و تَـمُـر عليهم مثل تلك الأكاذيب!!!

و بما أنَّ العزيز أبا زهير ليسَ بالرجُل الكذّاب وما عُرِفَ عنه الكذب يوماً (وإن كان البعض ما زال ماسكله ذِلِّة مقولته للناخبين قبل عقود “بَس وصلوني لعَمّان…”!)؛ وبما أنَّ الشعب الأردني ليسَ بالشعب الأحمق أيضاً؛ فليس هُناك ما يستدعي كُلَّ هذا الصخَب والجَلَبة والاستنكار لتصريحات العَم أبا زهير أطال الله بقاءه! فإن كانَ قالها مازحاً فقد أبكانا؛ وإن كانَ قالها جاداً فقد أضحكنا!

كُـل نيسان والأردنيين بألف خير؛ و كُل نيسان مع تصريح لأبي زُهير!!؟ واللهُ أعلَمُ وأحكَم!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى