كنا نضحك.. ونحمد الله..

كنا نضحك.. ونحمد الله..

مقال الثلاثاء 21-1-2020
كنا نضحك.. ونحمد الله..

كنّا نسمع في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، أن أحدهم لم يهتف للسيد الرئيس في سوريا أو العراق..وتم اعتقاله..وبقي في السجن دون محاكمة شهور طوال …وكنا نضحك..ونحمد الله على نعمة الحرية فالملك حسين قالها في خطاب :”أما عني…فإني مسامح كل من يشتمني” ..وكنا نسمع أن أحدهم أخذ الى “مفرزة التحقيق” في الدولة الشقيقة ..فقط لأنه لم يدبك في عيد الجلاء أو الحركة التصحيحية أو ربما لم يجد الرقص في ذلك اليوم ..وكنا نضحك ونحمد الله أن رأس الدولة -الملك حسين- يأخذ شيخ المعارضين _ليث شبيلات_ بسيارته من باب السجن الى بيته إكراما له وتعظيماً لمفهوم المعارضة …وكنا نسمع انه في الدولة الشقيقة إن لم تكن بعثياً أو سحيجاً “للبعث” لا تحلم ان تنجح او تتوظف أو تتخرج او تسافر ..وكنا نضحك ونحمد الله…أن البعثي في بلدي مدير مدرسة ، والشيوعي رئيس جامعة ومن الإخوان المسلمين وزيراً…كانت قاعدتنا لا يهم لأي الأحزاب تنتمي المهم أنك “اردني” فهو حزبنا الجامع …كنا نسمع أن أحدهم اعتقل من باب منزله لأنه ذكر في مقاله تلميح بعيد عن رئيس فرع الحزب الحاكم في محافظته..فنحمد الله ونضحك…ففي ظل الأحكام العرفية لم نكن نخشى انتقاد صاحب القرار نفسه ونشير الى أخطائه …كنا نسمع عن ألاف المعتقلين السياسيين في سجونهم..فنضحك ونحمد الله…فمفهوم الاعتقال لا يناسبنا..القاضي أخي..والسجان ابن عمي..فتذوب التهم خجلاً بين المشتكي والكشتكى عليه والقاضي..وتنتهي القصة..
الآن. ..صرنا مثلهم ، بل عدنا نجتر سبعينات وثمانينات القرن الماضي بكل سوءاتها…عقل الشرطي يحكم المشهد ..صار التعليق “تحريضا”..والنصيحة إطالة لسان..ورفض الفساد “اساءة الى مؤسسات”..وعدم التسحيج “تخريب”..ومخالفة الرأي “عبثية” والإشارة الى الخلل ” قدح”..فامتلأت السجون بالشباب…كل من يفتح فمه يعتقل..وكل من يكتب منشوراً يحول الى الجرائم الاليكترونية…وكل من يتأفف “إطالة لسان” ..ولو فتّحت الأجهزة أعينها جيداً…فإن الشعب كله سيحاكم على هذه التهم…
للأسف بالسنوات الأخيرة ، تخلينا عن مكتسبنا الديمقراطي الذي كان يترسخ سنة بعد سنة ، صار مفهوم الدولة البوليسية يطغى على مفهوم الدولة الأبوية او الديمقراطية ..صارت القرارات نزقة ،عصبية مستفزّة ،تؤمن بالتسكيت،والعقاب أكثر من الاستيعاب ، فلم تعد الدولة تتسع أولادها…وعندما تضيق الدولة باولادها..يسقط أولى حجارة الاستقرار
لتذكير من يهمه الأمر..عندما ضاقت سوريا والعراق ومصر بأبنائها في لحظة ما ..ضاقوا هم بها أيضاَ..
عودوا الى رشدكم…فالأردن أكبر منكم ومنا جميعاً

احمد حسن الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ذكرتني بأحد لوحات مرايا عندما قام العبقري ياسر العظمة(المدير) بتوبيخ العامل(حسن دكاك) بعدما اخفق لمرتين الأولى اثناء احدى الاحتفالات كعيد الإنتاج وعيد الأعلاف فانتهز العيد القادم ودبك لكن تم عقابه لأنه ما “نخّ” بالشكل المطلوب رغم مسكه لرأس الدبكة 😂

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى