كرابيج حلب!!! / د . ماجد الزبيدي

كرابيج حلب!!!

يشعل معظم عائلات العرب في الدول غير النفطية في الشتاء صوبة واحدة او صوبتين في الحد الأقصى !لغلاء أسعار الكاز والديزل ،وكأن النفط ليس موجودا في ارض العرب،ولم تنزل اسعاره للحضيض!
ولا ينغصُّ جلسة الشتاء الدافئة مع العائلة والشاي والزعتر والزيتون والبطاطا المشوية وطنجرة العدس والفجل والبصل ،سوى حلول ضيوف ثقيلي الظل والدم ،يأتون دون سابق موعد او حاجة ماسّة ،بل لأنهم من “حزب الزهقانين” ثم ياخذون–دون إستئذان أو حياء او “دخان جلّة”-كما يقول البدو- بإشعال سجائرهم وغلايين تبغهم في وجهك ورئتيك وشرايين صدرك واحشاء ملابسك وفرش البيت ،وإن كنت لاتدخن او تضع “متكات” لرماد تبغهم!!
إثنان من ثقيلي الظل والدم من أولئك ،حلّا بشكل مفاجىءعلي،احدهم يحسب ذاته في درجة متقدمة على العقاد والحكيم ،جلب معه رجلا آخر كي يعرفه على الكاتب،يتعاطى “المص على الغليون”بلا قافية ،ويلبس برنيطة ،تأثرا بتوفيق الحكيم ،لما كان نائبا في الأرياف!!وليس من وجه شبه بين الإثنين سوى البرنيطة!!
لملم الكاتب أوراقه المتناثرة كما تتناثر اوراق الشجرة تحتها في فصل الخريف، ثم أعطى أمر الإنتشار لأهل بيته،وأخذ يستمع مُكرها ل”سواليفالحصيدة”التيلايتقن غيرها كثيرون من اهلنا وديرتنا ومنهم “هذا الجوز الجالس امام صباحي”!!
سالني الأول الذي يشعل سيجارة”الفويس روي” من أختها:جئنا نود منك إفهامنابإختصار انتخابات المركزية!!بينما راح الثاني ابو غليون يقول دون ان يخرج غليونه من فمه:”ثو رأيك بأثباب فشل غذوةحلب”ّّ(شو رأيك بأسباب فشل غزوة حلب؟)!!
أخذ صاحب البيت يقح ويسعل بشكل متواصل بسبب هجوم غيوم غاز الخردل الذي بثّه في كيانه وصالونه الضيفان ثقيلا الدم ،قليلا الفهم في الحياة والسياسة ،ثم نظر عن يمين وعن شمال لعلّه يجد “قشاطا”او عصا ليمون او يد مكنسة ،دون جدوى لينهال بها على جنبات الحشاشين لكنه تذكر اصول الضيافة العربية ،ثم إستغفر الله مرتين بعد ان شرب نصف كأس من الماء كي تبرد اعصابه ،ثم قالمع عطسة تلو أخرى ل”جوز القص” اللذين امضيا ربع قرن في الوظيفة الحكومية دون أن يتعلما بعد –ولن يتعلما- حدود الحرية الشخصية:”أولا هي انتخابات لامركزية وليس مركزية!!وتعني تحمل الإقليم او المحافظة مسؤولية التخطيط والتنفيذ ووضع الخطط والميزانيات لمشاريعه وخططه التنموية والإقتصادية والخدمية من اجل التخفيف من بيروقراطية العاصمة والتسريع بالتنفيذ،!!وهي حلم لمن لاوظيفة له!!
اما الثاني ابو غليون فواضح انه أحد عشرات الآلاف من المساكين من اهل العقول المغسولة من فضائيات “البترودولار” وأنه من العبث إتعاب العقل في شرح الحقيقة كاملة له ،لكن الواجب قضى تذكير ذلك “اللخمة”أن حلب محتلة منذ اربع سنوات ،وان الخطة الإقليمية والدولية كانت تقضي احتلال بقية الأحياء الغربية لإعلانها عاصمة للحكومة المؤقتة التي سرعان ماتعترف بها دول الفيتو الثلاث في مجلس الأمن والدول الإقليمية التابعة لها ،فيكون عندنا في سوريا حكومتان كليبيا ،وتأخذ حكومة حلب بتنفيذ المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز لها قانونيا الإستعانة بأية جيوش خارجية ،لكن بقاء تراث سيدنا معاوية في الدهاء السياسي في دمشق غلب دهاء أمراء التنظيمات المبني على تراث هائل ومستمر من النكاح والأكل!!
بقي الضيفان ،كل فاغر فمه ،إلى أن اُغلقا بسلسلة من حلويات كرابيج حلب !!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى