كتالوج

كتالوج

مصعب البدور
عادة ما توضع الأدلة الإرشاديّة أو #الكتالوجات، مع #المعدات والآلات الجديدة، لكن دليلنا الإرشادي هذا يختلف قليلا، فلم يوضع من أجل التعامل مع آلات أو أجهزة إنما يهدف هذا الدليل توضيح محطات يعيشها أي قادم إلى الأردن، فلربما يخرج من دائرة الحيرة في كثير من مفردات الحياتين الرسمية والشعبية في الأردن، وسيعينه على فهم لعض الأحداث أو بعض المصطلحات أو بعض القضايا الحياتية في الشارع الأردني، مشيرا إلى أن هذا الدليل لا يغطي كل المحطات التي تستحق أن تغطى أو أن تناقش
أو التي يسمعها القادم إلى الأردن وإليكم أهم هذه المحطات:
المحطة الأولى: محطة راجع
عزيزي القادم إلى #الأردن، بعد أن تتعدّى بوابات عبور #المطار ستجد بعض الشّبان والكهول يجلسون على مقاعد الانتظار عند أول نقطة تحقق من الجوازات، هنا ستكون أمام أول محطّة من محطات الأردن
وهي (راجع) وهذه المحطة لها تفسير واحد: هو أنّ الأشخاص المنتظرين كانوا في طفولتهم أو أوّل شبابهم أصحاب نشاط في العمل الخيريّ أو العمل العام أو أصحاب أسئلة عن سياسات الدّولة آن ذاك أو متحدثين عن لعض القضايا العامة في الأردن، وبعدها أصبحوا تحت المتابعة الأمنيّة منذ ذلك الحين وحتّى الآن، وما زلنا لا نعرف هل التّفسير العلميّ لهذه المحطّة أو الظّاهرة هو ما فسرناه أم أنّ له تفسيرا آخر.
المحطّة الثّانية: عنق الزّجاجة
أما هذه المحطة فستتعرف عليها بعد حضورك لأوّل نشرة أخبار، ويقصد بها #الأزمة #الاقتصادية والتي ظهرت إلى العلن عام 1989م، وما زالت الحالة الاقتصاديّة في الأردن بتراجع مستمرّ حتى هذه اللحظة، ويندرج تحت هذه المحطة مصطلحات كبيرة مثل: المديونيّة والعجز والخصخصة، أما الأسباب لهذه المحطّة غير قابلة للرؤية لأنّها أسطع من الشّمس، فإذا نظرت إلى الأسباب فستحترق عينك وتعمى، ونحن حريصون كلّ الحرص على عينيك.
المحطّة الثّالثة: غلاء الأسعار
هذه أكذوبة وإشاعة ولا يمكن تصديقها، لأنّك لو قمت بحسبة بسيطة ستدرك من تلقاء نفسك أنّ وجبة غداء لعائلة مكوّنة من خمسة أفراد تعادل 10% من إجمالي دخل العائلة، وهكذا ستتأكّد بنفسك من عدم مصداقيّة الإشاعة، ولا تغفل بعض الإشاعات الأخرى التي تلحق السّلع في الأردن كالضّريبة المضافة وضريبة المبيعات، ولا تجهد نفسك بالخوض في أسعار خدمات الاتّصالات والكهرباء وغيرها من صفريّات الحياة.
المحطّة الرابعة: البطالة
ولهذه المحطّة وقفة مع مفهوم البطالة من وجهتـَيْ نظر: فمن جهة يوجد في الأردن حملة شهادات بمسميّات غريبة ولا يحتاجها سوق العمل الدّاخليّ أو الخارجيّ نهائيًّا، وهذا يكشف عجز التفكير والتخطيط للتعليم عند الجهات الرّسميّة، لأنّ التّعليم غير مؤسّس على سوق العمل (أي هو في سوق عمل يزم؟!) ولا يوجد برامج حقيقيّة تربط التّعليم بالواقع العمليّ وسوق العمل، وأما الجهة الأخرى فهي الوجهة الشّعبية التي تتصرّف بعيدًا عن التّخطيط؛ فالغريب أن ترى الطّلبة وقد اتّجهوا إلى كليّة الاقتصاد والعلوم الإداريّة أو كليّة المال والأعمال (ما هو لا فيه مال ولا أعمال!)، وأن تجد كثرة طلبة في قسمي المحاسبة والاقتصاد، والأردن بلد يعاني أزمة اقتصاديّة منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وقد لوحظ أن كثيرًا من الشّهادات عبارة عن أميّة مقنّعة، شهادة دون مضمون، يعني: أنّ الشّاب يحمل شهادة بكالوريوس في تخصّص معيّن لكنّه لا يعرف شيئًا عن التّخصّص، وكذلك يوجد ملمح عجيب من ملامح البطالة، يتجلّى في ترك الأبناء مصلحة الأب من زراعة في الأرض أو العمل في مشغل لحرفة أو مهنة، أو العمل في رعي الأغنام، والاكتفاء بانتظار الوظيفة، والإشكال الأخطر يكمن في أنّ كثيرا من الشّبان يتوقّعون حقيبة وزاريّة كأوّل تعيين لهم في وظيفة حكوميّة.
المحطّة الخامسة: محطّة المؤسّسات الممنوعة
وهنا أنت بكلّ تأكيد أمام قانون جديد أو تعليمات رسميّة تقضي بتقييد مؤسّسة شعبيّة أو خيريّة لها إنتاجات تفوق المؤسّسات الحكوميّة المشابهة، وفي بعض الأحيان تجد المؤسّسة الشّعبية مزدهرة منتجة حتّى تتدخّل المؤسّسة الرّسمية فيها؛ فتتحوّل إلى متسلسلة من الفشل، حتّى تصل مرحلة اللّاعودة.
المحطّة السّادسة: محطّة شعبية محضة (لو بدي بدخل فلان)
في هذا الصّدد ستتعرّف عزيزي الزّائر إلى بعض المواطنين الأردنيّين، وأثناء حواراتهم ستجدهم كلّهم لهم أقارب أصحاب يد في الدّولة، وكلّهم لا يريدون تدخّلهم في شؤون الحياة اليوميّة، وستجدهم بعد قليل يردّدون: (أخ لو إلي واسطة!) وهنا ستدرك بمفردك أشياء لا تصفها الكلمات.
المحطّة السّابعة: تعداد السّكان
عندما تجلس عزيزي الزّائر مع المواطنين ستسمع من كلّ واحد منهم أنّه ينتمي إلى قبيلة أو عشيرة ممتدّة من شمال الأردن إلى جنوبه، وأن أعدادهم تفوق التّصور، وستعرف أن أيّ آلة حاسبة عاجزة عن إجراء هذه العمليّة الحسابيّة لأن تصريحات الناس توحي بأن عدد سكان الأردن يفوق المئة مليون، وحقيقة تعداد السّكان في الأردن لم يصل العشرة ملايين بما فيهم الزّوار.
المحطّة الثّامنة:
أتركها للغانمين ليكملوها، فليس من المعقول أن أتحدّث بمفردي عن هذه المحطّات العامّة التي تخصّ وطنًا بأكمله دون أن نتشارك تصميم الدليل الإرشادي للأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى