قصّت عمّان جدائلها ! / هبة إميل العكشة

قصّت عمّان جدائلها !

أشعلتْ رسالةُ “الشّكر” ذات الطّابع السّاخر التي وجّهها الشاعر حيدر محمود إلى رئيس الوزراء هاني الملقي مواقع التواصل الاجتماعي. وجاءت الرسالة ردّاً على إقصاءِ نجل الشاعر من منصبه كمُستشار في رئاسة الوزراء, وأبرز ما ورد فيها هو قول الشاعر
” شكراً للدولة التي تعيّن ابن الرئيس في المنصب الذي يشتهيه.. سواء أكان يستحقّه أو لا يستحقّه.. وتطرد ابن شاعرها الذي كان وما يزال مشروع شهيد.. منذ أن كان !! ”

لعلّ تلك هي المرّة الأولى التي تُشعل فيها كلمات حيدر محمود مشاعر السّخط لدى المواطنين بدل أن تشعل لديهم الرّوح الوطنيّة؛ لقد صُدِم المواطنون عندما اكتشفوا أن شاعر الوطن أيضاً كان له نصيب من “قسمة” الكراسي, وأنه يشكو- بالفم الملآن- طرد ابنه من منصبه رغم إفادة مصدرٍ في رئاسة الوزراء أنّ ابن الشاعر لم يلتزم بالدوام الرّسمي منذ أعوام وأنه كان يتهرّب من القيام بالواجبات الموكلة إليه.
نعلم أن أبناء الذّوات يستحوذون على المناصب العليا – بدون أي أحقيّة- ونشعر بالأسى حيال ذلك, لكن أنْ نكتشفَ أنّ من زرعَ بكلماته حُبّ الوطن فينا أضحى مثلهم فهذه هي الخيبة الكبرى!
ما أحزنني حقاً ليس فقط مُطالبة الشّاعر بمنصبٍ غير مستحَقٍّ, لكن تبرير الأحقيّة بما يُسمّى ب”مشروع الشّهادة”! كُلّ عاشق للوطن يا شاعرنا هو مشروع شهيد, وهذه ليست مِيزَة أو إضافة نضعها في (الCV) لنحصل على منصب حكوميّ أرفع أو راتب أعلى, ولو كان هذا هو الحال لأعطي الجنود وحرس الحدود أعلى الأجور!!
أتذكّر بعض الروايات التي سَمِعتُها عن أهالي شهداء كان يزورهم جلالة الملك ليعزّيهم, وعندما كان يسألهم عن مطالبهم كانوا لا يطلبون سوى أن يتمّ تعيين ابنهم الآخر في الجيش, ليُكمِل ما بدأه أخوه ويدافع عن ثرى الوطن… لم أسمع يوماً والد شهيد “يحمّل الناس جميلة” أن ابنه شهيد أو يطالب أن تعطى مناصب عليا لأفراد العائلة تكريماً لهم.
يقولون “العتب على قدّ المحبة”, ولو لم تكن تعني شيئاً للأردنيين يا شاعرنا الحبيب لما ثاروا هكذا. ألست أنت أن من ناديت “يا مالِكَ الوجدان والفؤادِ ..أردن يا أردن يا حبيبي” … ألستَ أنتَ من كتبَ بالسيف والفأس على خدّ النجوم :أن أبناءك مزرعون في الأرض نشامى, يعشقون الورد لكن يعشقون الأرض أكثر! ألستَ أنت من أرخَى جدائل عمّان؟! فلماذا قَصَصْتَها إذن ؟

hebaakasheh07@gmail.com