امطري وزيدي / د. ناديا حسين الطويسي

امطري وزيدي
في أول أيام العام الجديد استيقظ الناس في وادي موسى على صوت زخات المطر التي هدأت النفوس الهائجة ،وأسعدت القلوب التي باتت حزينة ومكسورة …تساءلت وأنا أسأل الله الفرج : ترى لو كانت هذه القطرات ملك حكومتنا فكم سيكون نصيبنا منها؟ وكيف ستوزع الضرائب ؟ ضريبة البرد، وضريبة الثلج ….، وضريبة مشاهدة الغيوم في سماء المدينة …،الحمد لله فقد تعلمنا من كبارنا ، الكبار الكبار أن “ربك رب الخير” نعم ، ربي رب الخير.

الحكومة الأردنية التي تحاول أن تظهر بمظهر الحارس الأمين على حقوق الناس لم تنجح أبدا في إزالة أصابع الاتهام عنها في قضية البيع الآجل ، ولم تحاول أن تحاور المتضررين أو تستمع لشكواهم في دولة تدعي الديموقراطية وتنادي بها ، وكان أسلوب المراوغة نهجا انتهجته في التعامل مع هذه القضية ، حتى وصلنا إلى طريق مغلق ، واحتقان شعبي شكل في نهاية المطاف ثورة وغضبا لا تحمد عقباه .

بأي منطق يمكننا أن نفهم هذه المعادلة ؟ التجار يمارسون تجارة مشبوهة من ألفها إلى يائها ، والناس يقبلون عليهم بيعا وشراء ، ربحا عاليا بلا خسارة، والحكومة تصفق لهذا الأمر على مدار سنوات ،حتى أزالت الشك من نفوس كثير من العقلاء الذين توجسوا خيفة من هذه التجارة في بدايتها ، وطردت الوساوس والتساؤلات التي طرحها الناس أثناء تعاملهم مع هذه التجارة : من أين جاء التجار بهذه الأموال الطائلة ؟ ومن قدم لهم هذه التسهيلات البنكية الهائلة ؟ وهل هي تجارة مشروعة دينيا وقانونيا ؟ وهل في الأمر مصيدة من جهة ما ؟..كان من شأن هذه التساؤلات أن تنأى بالناس عن تجارة البيع الآجل لو تدخلت حكومتنا الرشيدة منذ البداية بإيقافها أو على الأقل كشف حقيقتها .لاشيء يمكن أن يقنع الجاهل منا ببراءة الحكومة من الأمر، فإن لم تكن شريكة في هذه التجارة فهي على الأقل قد تخلت عن مسؤوليتها تجاه ظاهرة اقتصادية خطيرة عمت الجنوب، وتعامت بقصد أو غير قصد عما يحدث ،حتى تفاقمت الأمور ،وأصبح الشك يقينا بأن ” وراء الأكمة ماوراءها.”.

واليوم وقد وقف أهل البترا –بعد صبر طويل- للمطالبة بحقوقهم المسلوبة في وضح النهار ، تأتي الأجهزة الأمنية لتردهم بالقوة ، حتى أصبح صوت الرصاص لغة الحوارالوحيدة ..، وما هكذا تورد الإبل يا سعد..!

مقالات ذات صلة

هكذا باتت مدينتنا السياحية ليلة رأس السنة على مرأى من العالم كله : بيوت تحترق..ورجال يعتقلون..وأطفال ينامون متسائلين عن صوت (الطع).. ناموا خائفين واستيقظوا فرحين بعطايا الرب ،وعيونهم البريئة تتساءل عن الصوت المرعب الذي جعلهم يبيتون ليلة البارحة بأمان !! .سنعلمهم أن شريعة الظلم خاسرة وإن طال بها الزمان ،وأن صاحب الحق منتصر وإن طال تمرد الباطل ، سنعلمهم أن الأرض أغلى مانملك ،وأن الجوع لن يكون وسيلة لاستفزازنا ،سنعلمهم أن قطرة الماء ، و لقمة الخبز هبة الرحمن وحده .

سسنستقبل عامنا الجديد مستبشرين برحمة الله ، وبهديته الأجمل في اللحظات الأولى من هذا العام ، سنغني للغيث أجمل أغانينا ، وسنردد على آذان أطفالنا أغنية الطفولة الجميلة التي يعرفها أبناء وادي موسى “امطري وزيدي ..بيتنا حديدي ..عمنا عطا الله ..ورزقنا على الله ..…”نعم .. بيوتنا حديدية …والبترا حديدية .. والرزق على رب العباد..

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى