لماذا لا نثق؟

مقال الخميس 3-1-2019
لماذا لا نثق؟
واحدة من أكثر المفارقات المضحكة في هذا البلد الأمين ، أن أكثر المتكلمين عن ضرورة إعادة بناء الثقة يين الحكومة والشعب هي الحكومة ، في كل مناسبة أو لقاء أو خطاب يركّز رئيس الحكومة على ضرورة إعادة الثقة بين الإدارة والمواطنين ، وفي نفس الوقت أكبر الهادمين لــ”توالي” الثقة بين الشعب والحكومة هي الحكومة نفسها من خلال قرارات يعتقد متّخذوها أنهم يضحكون على أمة من البلهاء لا يعرفون “الحساب” ولا يفهمون مغزى القرار ، يعيشون بكهوف حجرية لا تتسرّب لهم المعلومة من بين أظافر المسؤولين أنفسهم ، ولا يتابعون نشرات الأخبار العالمية، ولا يحللون الاقتصاد، ولا يعرفون سعر البترول بالسنت ، ولا يلمسون النتائج كل مطلع فجر ومطلع كل رغيف يشرق بوجعه من التنور..والأمثلة كثيرة جداً جداً لا تعدّ ولا تحصى.. لا بل عند استذكارها يشعر المرء بالغثيان وبالقرف من الكلام الممجوج الذي يصدر من فوق ربطات العنق الساذجة…
على زمن بحر العلوم عبد الله النسور ،وعند تحرير أسعار المشتقات النفطية قالت الحكومة حينذاك ، سيحصل كل مواطن أردني على دعم المحروقات من الكاز تحديداً مدى الحياة ، و الهدف من التحرير كي لا يستفيد من هم غير الأردنيين من الأسعار المدعومة (بالمناسبة لم تكن مدعومة أصلاً)..طبّق هذا القرار عام واحد، ثم حرم الأردني كما حرم الوافد من دعم المحروقات بطريقة خبيثة فيها تذاكي مكشوف على الناس مجبولاً بحكم القوي على الضعيف، العام الماضي وعد العلاّمة د.هاني الملقي قبل تحرير سعر الخبز أن يحصل كل أردني على دعم الخبز وهذا الدعم والصرف سيكون مدى الحياة بحجة أن غير الأردنيين يستفيدون من دعم الطحين “يا عيب العيب” ، ثم دخل القرار خط إنتاج الخبراء الماليين و”الشايلوكيين”، فاستثنوا كل أردني يزيد راتبه عن ألف دينار وصرفوا لمن دون ذلك، هذا العام هناك معايير جديدة للصرف وسنرى كم سيختصرون من المستفيدين من حقهم في الدعم وأراهنكم ، لن يدوم هذا الدعم طويلاً حيث سينتهي كما انتهى دعم المحروقات الذي أقره عبد الله النسور..أرأيتم لماذا لا نثق بكلام الحكومة؟؟…
تخفيض المحروقات الأخير بنسبة لم تتجاوز الــ8% بينما يجب أن يكون التخفيض على الأقل 13%…فيه تذاكي ، وفهلوة لا طعم ولا لون لها ..عيب أن تعدوا بالشفافية وفي أول فرصة اقتناص تخلطوا الأوراق وتمرروا ما تريدون…
لماذا لا نثق؟ قانون العفو العام..كانت الفكرة بعفو واسع يطال الكثير من القضايا والمخالفات والغرامات المالية، ها هو يتم تقييفه وقصه ومسخه، حتى يصبح “امحسها بهاللحية” بدل العفو العام…
لماذا لا نثق ، لأنه الحكومة شفّافة وقتما تريد غامضة وقتما تريد..عندما كثر الحديث عن بيع مطار ماركا العسكري، نفت ذلك واكتفت بالكلام عن وجود فرصة استثمارية للمطار عام 2019..ما هي هذه الفرصة؟ ومن صاحبها؟ وكيف ستكون؟؟..لا جواب.
لماذا لا نثق لأن كل الوعود بمحاربة الفساد ، هي كلام فارغ، وكل الوعود بالانفراج وانتهاء برنامج التصحيح هي كلام أكثر من فارغ، وكل الوعود بالتخفيف عن الناس كلام بلا معنى ما لم يرافقه قرارات تحيي الناس ..لماذا لا نثق ، لأن الأخ الذي وعدنا بالخروج من عنق الزجاجة نهاية 2018 توارى هو وعوده عن الأنظار..وبقينا في قعر الزجاجة..رغم أن من جاء بعده لم يغير شيء في خطته ولم يعطل شيء من برامجه…فأين الزجاجة عدم المؤاخذة؟؟

بقص أيدي إذا واحدكم بيمون على اشي!

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى