جريمة نيوزلاندا والاسلاموفوبيا الغربية / زايد الكركي

جريمة نيوزلاندا والاسلاموفوبيا الغربية

الناظر الى مشهد الاجرام الذي استيقظ عليه العالم بالأمس والذي كان بشعاً وشكل صدمه هائلة لكل مسلمي العالم وهو الحدث الذي أعاد بنا الذاكرة الى حادثة الحرم الابراهيمي حيث اطلق احد الصهاينة المتطرفين حينها النار على مجموعة من المصلين في صلاة الفجر, فالعالم الإسلامي وبعد خمسة وعشرين عام على هذه المذبحة ورغم كل ما تلاها من مذابح الا انها تبقى متصدرة لاكثر الوقائع بشاعة لارتباطها ببيت عبادة وطريقة التنفيذ بانتظار بدأ الصلاة ليكون الضحايا في حالة استسلام تام , واليوم جائت هذه الحادثة البشعة لتعيد لاذهاننا ما جرى ولكن هذه المره بتوثيق عالي الجودة وبحرفية اعلى.

الدول الغربية ومنذ احداث الحادي عشر من سبتمبر ورغم تغير أسماء رؤسائها وحكوماتها اخذت على عاتقها الرفع من مستوى خطاب الكراهية ضد الإسلام والمسلمين والسعي وراء شيطنة الإسلام سواءً على الأراضي الإسلامية او ضد المسلمين في دول الغرب , ومن منا لا يذكر الخلاف الحاد بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل حين قامت المستشارة الألمانية علانية بربط الإرهاب بالإسلام بقولها ” التطرف الإسلامي” وهو ما ازعج الرئيس التركي المسلم الداعي للوسطية ولاحتواء الاخر ,وكانت هذه العبارة سبباً في حرب تصريحات عالية السقف بين المانيا وتركيا حينها .

حادثة الامس أسست باعتقادي لمفهوم جديد من التطرف ضد الإسلام والقلق المتزايد من الانتشار الإسلامي في الدول الغربية , فمن الملاحظ ان دول كألمانيا وأستراليا ونيوزلاندا صارت تعيش هاجس التمدد الإسلامي وارتفاع اعداد المسلمين الى نسب قياسية فلم يعد مجدياً الوقوف وانتظار توقف هذا المد بنشر جرائم داعش واخواتها ,فالمواطن في الدول الغربية ليس مهتماً بالاستماع لاخبار الشرق الأوسط وجرائم المتطرفين المسلمين –على حد تعبيرهم- هناك, فصارت هذه الدول امام خيار جلب الإرهاب الى دولها كفزاعة من الإسلام او إيقاف هذا التمدد بالترهيب والقتل كما حصل في الجريمة البشعة يوم امس.

مقالات ذات صلة

تبقى النقطة الأهم والتي تستوجب التوقف هي التنظيم والاتقان في تنفيذ الجريمة , فالقاتل متمرس ومدرب جيداً ومدجج بأسلحه حديثة وذات فاعلية ,ايضاً تصوير العملية بشكل احترافي وكأننا في فلم رعب من صناعة هوليوود يوثق جميع اللحظات ويركز على اظهار المشهد بابشع صورة ممكنة وبتركيز واضح على صور الجثث وكيفية مراكمتها فيه دلالة ان ما حصل ليس مجرد لحظة طيش من مختل عقلياُ, ثم اين هي القوى الأمنية وما هو سر التأخير الغير مبرر والتعامل مع المجرم بطريقة فيها من التراخي والتقصير الكثير , لا بل ووصل الامر بالمجرم ان يقوم بالعودة الى المكان والتأكد من ان الجميع قد قتل دون أي انفلات في الاعصاب او حتى خطأ بالتنفيذ نتيجه لارتباك او ما شابه ذلك, حتى انه لم يكن يلتفت للوراء لملاحظة وصول القوى الأمنية والتحصن ضدها وكأنه يسير في مهمة تم الترتيب لكافة مراحلها , ربما لأيصال رسالة مفادها ان المسلم في دول الغرب ليس في مامن اين ما حل وارتحل.

المشهد اليوم يوحي بوجود أسلوب جديد في التعامل الغربي مع العالم الإسلامي ,فهذه الدول بكل تأكيد لها مصالح لا تنتهي في العالم الإسلامي ابتدءاً من النفط العربي الذي ما زال يشكل اكبر احتياطي في العالم بالإضافة لمصالح الدولة اليهودية في المنطقة , كل هذه الأمور تستوجب بقاء الإسلام بحاله من الضعف والانحطاط على مستوى الافراد, وهذا الانحطاط لابد ان يرافقه لحظات إيذاء لمشاعر المسلمين من خلال وسائل إرهاب واجرام متنوعة يعتبر القتل اثناء الصلاة وفي بيت العبادة اكثرها تأثيراً في انفسهم .

في الختام العقيدة الإسلامية عقيدة سمحة ومحبة للاخر والإسلام ورغم كل محاولات الخدش الغربية بالتفجير باسمه هنا وهناك, وباخراج الجماعات المتطرفة ونقلها عبر الدول وإنتاج الفيديوهات المرعبة لهم ولاجرامهم ,يبقى محافظاً على كونه الدين الذي يسرق القلوب قبل العقول والمسلمون في الغرب يمثلون نموذجاً نقياً مثيراً لفضول المواطنين هناك للتقرب ومعرفة المزيد عنه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى