تسونامي كورونا الاقتصادي … أردنيًا الصمود عنوان المرحلة عمر مقبل العبداللات

تسونامي كورونا الاقتصادي … أردنيًا الصمود عنوان المرحلة
عمر مقبل العبداللات

للأزمة مساران متوازيان لكنهما متداخلان! أثبتت استراتيجية الدولة في التعامل مع مسارها الصحي نجاحًا “مميزا”، يتمثل بسلامة الإجراءات والتزام المواطنين والذي نأمل أن يستمر حتى نقصّر أمد الازمة، وفي هذه الأثناء ينبغي أن ينصبّ التركيز على المسار الاقتصادي للأزمة كونه الأبلغ أثرًا” على الدولة الاردنية.
من المفيد أن نستعرض بعض التوقعات الاقتصادية لنعي حجم التحديات التي تنتظرنا، فقد خفّض معهد التمويل الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي لعام 2020 بنسبة 50 % ليقف عند عتبة 1,5 % حيث من المتوقع أن ينخفض نمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 2,8% واقتصاد منطقة اليورو بنسبة 4,7% وهذا ما دفع منظمة العمل الدولية إلى توقع فقدان 25 مليون شخص حول العالم لوظائفهم في قطاعات النقل والسياحة وهو سيناريو أسوأ مما شهده العالم خلال الأزمة المالية في العام 2008 حيث فقد 22 مليون شخص وظائفهم مما أدى ‘لي خسارة دخول تقدر بين 860 مليار دولار و 3,4 تريليون دولار مما دفع الاقتصاديات العشرين الكبرى في العالم إلى اعتماد خطط إنقاذ بمبالغ فاقت 5 تريليون دولار .
أما أردنيا، فكان “صندوق النقد الدولي” قد توقع نموًا حقيقيًا لعام 2020 بحدود 2,1% قبل الأزمة وربما ينخفض بسبب تداعياتها إلي ما دون 1% مما يترتب عليه تحديان اقتصاديان، يرتبط الأول بانخفاض إيرادات الضرائب والتي تشكل نحو 66% من الإيرادات العامه للدولة المقدره بـ 8.5 مليار دينار، أما التحدي الأخر فهو تفاقم مشكلة البطالة المرتفعة أصلًا والتي سجلت في الربع الأخير من العام 2019 ما نسبته 19% بحسب دائرة الإحصاءات العامه، لذا ينبغي أن يكون جل اهتمام العقل الاقتصادي للدولة الخروج بأستراتيجية متكاملة يكون هدفها الحفاظ على القطاع الخاص وتكون أدواتها استثنائية ومبتكرة ليبقى القطاع الخاص رافعة النمو ومولد الوظائف في اقتصادنا، وربما تكون الاقتراحات التالية ذات جدوى في هذا الاتجاه.
1-توسيع العمل بالسياسة النقدية التوسعية والتي انتهجها البنك المركزي بهدف ضخ سيولة في الاقتصاد وذلك من خلال تحديد أسعار الفائدة أو المرابحه على مختلف أنواع التسهيلات للافراد والشركات لمدة لاتقل عن سنتين بحيث تقلل من هامش الفائده الكبير الذي تربح منه البنوك والسماح لها باستخدام جزء من احتياطياتها الاختيارية في ذلك، وكذلك عدم اللجوء إلي مزاحمة القطاع الخاص على السيولة بإصدار سندات وأذونات خزينة، ويمكن البحث في إمكانية ترتيب قرض تجمع بنكي للشركات الكبرى وبكفالة الحكومة إذا دعت الحاجة لذلك، وإلزام البنوك ومراقبتها لجدولة قروض الأفراد والشركات بدون فوائد إضافية.
2-عمل مناقلات بين بنود النفقات الرأسمالية والجارية في الموازنة العامة، وهذا يتطلب إصدار قرار دفاع بإلغاء العمل بالمادتين 8 / أ و 9 / أ من قانون الموازنة العامة لعام 2020 حيث بلغت النفقات الراسمالية 1,27 مليار دينار ويمكن نقل ما نسبته 30% منها لتغطية نفقات تداعيات الأزمة وكذلك يمكن العمل على إلغاء أو تخفيض بنود نفقات مثل السفر واستضافة المؤتمرات والاحتفالات وتأجيل الزيادة على رواتب الموظفين إلى العام القادم ويمكن الطلب من كبار مكلفي دائرة ضريبة الدخل والمبيعات بدفع من 30% – 50% من الضريبة المستحقة عليهم حسب آخر إقرار ضريبي معتمد مقدمًا كدفعة لحساب 2020 كالبنوك وشركات التأمين والاتصالات وشركات التعدين وكذلك البحث جديا في نخفيض ضريبة المبيعات على القطاعات المتضررة وخاصة النقل والسياحة وما يرتبط بهما.
3- استجابت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي إيجابيًا لتداعيات الأزمة ولكن يمكنها وعبر صندوق استثمارها ضخ سيولة في السوق المالي لإنقاذه وتعظيم المحفظة الاستثمارية للمؤسسة وكذلك بإمكانها المساهمة في صندوق همة وطن والتوجه لشراء عقود نفط حيث ما تزال أسعاره مغرية للشراء وبما يحقق مصلحة وطنية أساسية بتقليل كلف الطاقة على كافة القطاعات الاقتصادية، كما يمكن للمؤسسة تقاسم كلفة رواتب العاملين في المنشآت الصغيرة التي يقل عدد موظفيها عن 10 واعتبار ذلك دينًا على المنشأه تسدده بدون فوائد حتى نهاية العام 2023، ويمكن في مرحلة لاحقة ووفق المستجدات إلغاء العمل بشرط وجود 36 اشتراك للاستفادة من تأمين التعطل واقتصارها على 12 اشتراك مثلا .
4- تمتلك الخزينة مالايقل عن 80% من أراضي المملكة والتي يمكن بيعها أو تأجيرها أو وهبها للمواطنين لأغراض استغلالها اقتصاديًا حسب الميزة النسبيه لكل محافظة مع التركيز على قطاع الزراعة وخاصة القمح والحبوب مما يساهم في تعزيز أمننا الغذائي وتنمية المحافظات وخلق فرص عمل لشبابها فلا ندري طبيعة الأزمات العالمية القادمة، ومدى تأثيرها على انسياب السلع الغذائية مما يضع الأمن الغذائي الوطني في مهب الريح.
5- توظيف الدبلوماسية الاقتصادية لإعادة جدولة فوائد القروض الخارجية حيث تمثل فوائد الدين العام ما نسبته 12,8% من النفقات العامة وبمبلغ يصل إلى 1,25 مليار دينار وكذلك يمكن توظيف حسن الإدارة الأردنية لأزمة كورونا كأحد عناصر تقييم التصنيف الائتماني للمملكة مما يؤدي إلى رفعه عن مستوى (ب+) وبالتالي تقليل معدل الفائدة على القروض.
6- توحيد مرجعية العمل للصناديق والمؤسسات التي تعنى بالعمل الخيري والإنساني مثل صندوق الزكاة وصندوق المعونة الوطنية والجمعيات الخيرية وتطوير أساليب وآليات حديثة لعملها لاستهداف رجال الأعمال والمغتربين الأردنيين ببرامج حقيقية تشركهم في تنمية بلدهم وهم أهل لذلك فهذه الأزمه كشفت عن المعدن الأصيل للأردنيين.
نهايةً، الأزمة عميقة دوليًا ومحليًا والخروج منها يتطلب جهدًا وطنيًا نتشارك به جميعًا حكومة وشعبًا وقطاعات اقتصادية ومؤسسات مجتمع مدني، فالمطلوب من الجميع التخلي عن بعض المكاسب والتي تفضي إلى تقديم الصالح العام حتى نخرج جميعا بأقل الأضرار ويكون عنواننا ( معا نستطيع الصمود ).

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى