قراءة للصراع العربي الصهيوني / المحامي محمد مروان التل

لم تكن قضية فلسطين يوما قضية قطر عربي اجتث شعبه من ارضه فحسب ، بل ان القضية الفلسطينية كانت و مازالت تشكل احد ابرز موجبات الوجود و محددات المصير العربي ، في صراع لم تشهد الأمة العربية اقبح منه ، منذ انطلاق ثورة العرب للتحرر و الاستقلال ، فالغزو الصهيوني عمل على احلال شعب مكان شعب ، و طمس الهوية العربية الإسلامية على ارض فلسطين ، و عمل على إحلال مركز قوة جديد بأساليب الحرب العسكرية و الاستيطان البشري من خلال السيطرة الثقافية و الاقتصادية .
ان فلسطين ليست الهدف النهائي للصهيونية ، لان المحتل لا يقنع بما حقق من احتلال ، و يسعى للتوسع ليبقى حيا، و لأن جوهر الاحتلال قائم على التوسع و الزيادة في مستوى الهيمنة بمحاورها الجغرافية و الاقتصادية و السياسية ، كما ان عقيدة المحتل تحتم عليه إدامة السعي و العمل على التوسع خوفا من ارتداد من اُغتُصِب حقه و احتلت ارضه إن وقف عن التوسع – مع الأخذ بعين الاعتبار عاملي الزمن و الظروف الراهنة .
ان الوضع الراهن بالنسبة للقضية الفلسطينية هو نتيجة طبيعية لنزول أهمية القضية الفلسطينية على سلم الأولويات العربية – على حساب الحروب العربية العربية – و الصراعات الوهمية التي اختلقها العدو الصهيوني لحرف بوصلة الأمة العربية عن قضيته المركزية و هي القضية الفلسطينية ، و اقتناع العرب بوهم السلام مع كيان غاصب لا يخفي مطامعه الاستيطانية التوسعية على حساب الجغرافيا العربية، للوصول الى السيطرة على ثروات الأمة العربية.
كما و ساهم تقاعس العرب خلال السنوات التي تلت حرب عام ١٩٧٣ عن اتخاذ إجراءات حقيقة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة و كبح جماح التوسع الصهيوني باندثار الحق العربي الفلسطيني تدريجيا ، الى ان وصلنا الى مرحلة رضخت بها دول عديدة و منها للأسف عربية لسياسة الأمر الواقع .
لقد خرجت القضية الفلسطينية من ميدانها الحقيقي الى تفرعات خطيرة منها ( قضية الكفاح السلمي و الغير سلمي ، و قضية اللاجئين ، و العديد من التفرعات الأخرى ) و غدا كل فرع قضية مستقلة قائمة بذاتها مما شتت الجهد العربي و قسم الصراع العربي الصهيوني الى جزئيات اضعفت القضية الرئيسية و قللت التركيز على جوهر الصراع و هو الوجود .
ان العرب قد اضاعوا الوقت و الجهد على رهانات خاسرة و اول هذه الرهانات هو الرهان على القرارات الدولية -التي اثبتت انها تميل للأقوى -، و كسب الرأي العام الدولي بالتمسك بخطط السلام و التي لا ينظر لها العدو الا من منطلق التسويف و كسب الوقت – للمضي قدما في مشاريعه التوسعية الاستيطانية والتي لا تستثني قطرا عربيا للوصول لهدفه الرئيسيي و هو استسلام العرب .
ان الوقت الراهن و ما يشهده العالم العربي من هجمات تفكيكية بعضها بأدوات عربية و الجهد الجدي الذي تبذله الصهيونية للتوسع على حساب الأراضي العربية هو الوقت الأنسب لإعادة بلورة التعاون العربي و رسم تصور واضح للمخاطر التي قد تطال كل الأقطار العربية اذا ما استمروا العرب بموقف المتفرجين ، و رسم الخطط و الآفاق لمواجهة هذا الصراع الحتمي دون مماطلة او تسويف لان المطامع الصهيونية لن تستثني احدا.

المحامي محمد مروان التل
كاتب اردني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى