قراءة في تقييم رؤساء الجامعات

قراءة في تقييم رؤساء الجامعات
ا.د عبدالله عزام الجراح

إعفاء رئيسي جامعة اليرموك وجامعة الحسين من منصبيهما،جاء وكما يشاع – إن صح ذلك- استنادا إلى نتائج تقييم رؤساء الجامعات، التي جرت قبل أسابيع وشارك بها مجالس الأمناء إضافة إلى مجموعة – ينبغي اختيارها عشوائيا- من أعضاء هيئة التدريس والموظفين في الجامعات الأردنية الحكومية.
ومما لا شك في أن عملية التقييم خطوة مهمة ينبغي أن تخضع لها إدارات الجامعات إذا ما أردنا أن نطور ونحسن من أداء جامعتنا ونقيم مدى نجاحها في تحقيق رسالتها. ولكن وحتى يكون التقييم موضوعيا وعلميا فانه ينبغي الوقوف عند مجموعة من القضايا والتي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار. ولعل في مقدمة هذه القضايا الصلاحيات المخولة بموجب الأنظمة والتعليمات لرئيس الجامعة. فصلاحيات رئيس الجامعة محكومة ومضبوطة بموجب القوانين والأنظمة والتعليمات، ومراقبة من مجلس الأمناء، ومدعمة بقرارات من مجلس العمداء. أي بمعنى أن رئيس الجامعة لا يقدح من رأسه كما قد يظن بعضهم، لا بل إن جل قراراته تستند إلى توصيات من مجالس الأقسام والكليات والعمداء، ومباركة مجلس الأمناء، مع وجود بعض الاستثناءات القليلة التي قد تعطي رئيس الجامعة صلاحيات خاصة. وانطلاقا من هذه القاعدة فان إعفاء أي رئيس جامعة من منصبه لقصور في أدائه، ينبغي أن يرافقه مساءلة مجلس الأمناء ومجلس العمداء في الجامعة على اعتبار أنهم جميعا شركاء في تحمل مسؤولية إدارة الجامعة.، وحل مجلس الأمناء والعمداء إن ثبت تقصيرهم أيضا.
أما القضية الأخرى التي أريد أن أقف عندها، فهي عملية اختيار رؤساء الجامعات والتي تثبت نتائج التقييم عدم كفايتها لاختيار القيادات الأكاديمية التي نبحث عنها. فإذا كانت الأسس التي تم اختيار رؤساء الجامعات استنادا أليها قد أفرزت الأفضل بين جميع المتقدمين لشغل منصب رئيس الجامعة آنذاك، فلماذا يفشل رئيس الجامعة في التقييم؟ ولماذا لا تكون أدوات التقييم التي يخضع لها رؤساء الجامعات جزءاً من أسس المفاضلة التي يتم اختيار الرئيس استنادا لها أصلا؟
وبالنظر إلى الأمور التي يستند إليها تقييم رؤساء الجامعات فقد وجدت أن من بينها، امتلاك الرئيس شخصية قيادية، واحترامه حقوق وكرامة الآخرين، وقدرته في اتخاذ القرارات الإدارية العادلة ومنها تعيين القيادات الأكاديمية والإدارية، وان يمثل إدارة فاعلة وعادلة في مواضيع الترقيات والبعثات والعقوبات في الجامعة، وان يلتزم بالقوانين والأنظمة والتعليمات والقضايا جميعا, وان يلتزم بتعيين الكفاءات الأفضل في المواقع الإدارية (نائب رئيس، عميد،…..)، وان تكون قراراته دقيقة ومدروسة ومستقرة لا تتغير بسرعة وتتصف بالحكمة والموضوعية، وكما أشرت سابقا فان الكثير من هذه الصفات والقرارات لا يقرها الرئيس منفردا، لا بل إن الرؤساء لا يمكنهم أن يتخذوا هذه القرارات من دون العودة إلى مجلس الأمناء، خاصة الرؤساء القادمين من جامعات أخرى، لأنهم وببساطة لا يعرفون عن هذه الجامعات إلا القليل ويعتمدون في قراراتهم على معلومات شخصية من هنا وهناك، وعلى معلومات وتوصيات مجالس الأمناء في اختيار نواب الرئيس ومجلس العمداء.
ومن القضايا المهمة الأخرى التي ينبغي الوقوف عندها أيضا، مسالة آراء الأساتذة والعاملين في الجامعة في تقييم رئيس الجامعة، فإذا كان رأي الأساتذة من الأمور الحاسمة في تقييم الرئيس فلماذا لا ينتخب الرئيس من قبل أعضاء هيئة التدريس أو لماذا لا يكون هذا المعيار احد المعايير المهمة في عملية اختيار الرئيس؟
إن عملية التقييم ينبغي أن تكون شاملة ومستمرة وان تقوم بها جهات مختصة ، فالتقييم الخطوة الأهم التي تسبق التطوير والتحسين.

إن جامعتنا الأردنية كانت ولا تزال بيوت الخبرة العريقة والتي قدمت ويمكنها أن تقدم القيادات الوطنية القادرة على خدمة الوطن والنهوض به إذا ما استندت عمليات الاختيار هذه إلى أسس علمية وموضوعية بعيدة عن حسابات الجغرافيا والتاريخ.
حمى الله الأردن وحمى شعبه الأبي

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى