ابن مادبا البار / يوسف غيشان

ابن مادبا البار
” سينما سهيل ” لصاحبها ( ابو عدنان ) أقدم سينما في مادبا ، وهي منتجع سياحي مختلط ، حيث كانت النسوة تحضر معها ربطات هائلة من الملوخية ، التي يتم تلقيطها على ” اللوج ” .أما نحن – اللي تحت – فقد كانت عروق الملوخية تنهال على رؤوسنا بغزارة عند أقل شغب .
ابو عدنان هذا رجل فريد من نوعه وكان يتفاخر بأنه يعرف جميع الممثلين ، وقد شارك في الفلم الأردني الوحيد : ” صراع في جرش ” وقد وضع إعلانات ملأت شوارع المدينة تقول:
– شاهدوا ” ابو عدنان ” …ابن مادبا البار أمام الأبطال .
– ابو عدنان في ” صراع في جرش ”
وقد تدافعت المدينة لترى ابنها ” البار ( الخالي من المشروبات الروحية ) وهو يصارع الإبطال ، وطال الانتظار خلال عرض الفيلم ، حتى برزت صلعة ( ابو عدنان ) مع مجموع الكومبارس يهاجمون ” ابو صياح ” أحد أبطال الفيلم الذي قضى عليهم بيديه العاريتين في اقل من دقيقتين ، وهكذا أصبنا بخيبة الأمل ، ثم تعودنا على الجو ، وصرنا نحضر الفيلم لمشاهدة ابو عدنان وهو يأكل البوكس ، ربما انتقاماً منه .
سينما مادبا الجديدة دخلت ميدان المنافسة بفيلم ” الجاسوس الذي أحبني ” وهو من أفلام جيمس بوند . أبن مادبا البار ، في هذا الفيلم كان الممثل نديم صوالحة(شقيق نبيل صوالحة) . وقد تم تكبير وتعظيم لافتات ابن مادبا البار الجديد ، حيث تمكن هذا الابن البار الجديد من الصمود أمام المجرم صاحب الأسنان الحديدية ، لمدة ثلاث دقائق وهو ( يتزروق )خلالها بين دهاليز الاهرامات حتى ( مسكه ) الرجل ( وعضّة ) في رقبته … فمات ، لا نعرف لماذا ولا كيف ولا ما علاقته بالفيلم أصلا .
وهكذا انهارت أحلامنا في أبناء مادبا البررة ، وقررنا ان لا نكون أبناء بررة للمدينة حتى لا نتعرض لذات المصائر .
لكننا لم نستطع ذلك وبقينا أبناء بررة للوطن – ما استطعنا – رغم خشم الزعلان .
من كتابي(برج التيس)الصادر عام 1999

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى