فضل البدو / نور الدويري

فضل البدو

نور الدويري

فليعلم شربل والعالم ..

يقول ابن خلدون في كتاب ” مقدمة ابن خلدون ” أن ” البدو أقدم من الحضر وسابق عليه” و أن “أهل البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر” وأن ” أهل البدو أقرب للشجاعة من أهل الحضر” .

فلابد أن أبن خلدون قصد أن البدو أهلٌ للشدة والصبر والمروءة فيعتمدون في أحوالهم على التعايش مع طبيعة حياة ضنكة ترفها محدود فتدفعهم لإبراز معالم الشجاعة والقوة، ليتحلوا بالقدرة على التكيف مع كل أنواع الظروف الصعبة، ويلزمون أنفسهم بعادات وتقاليد تحكم طبيعتهم القاسية وطبع خشيتهم على أضعفهم من النساء والأطفال والكهول فهم خير القوامين على أضعفهم، وخير المغيثين لمحتاجهم.

كما يستشهد للبدو ثبوت مقراتٍ في خيام كبارهم تكون مقاعدا للعلم والحكمة والشعر والرجولة والتحكيم والفصل في خلافات الناس، متبعين الهدى بفض الخطايا عن صفاتهم العنيدة، فلا يستهين البدوي مثلا بشرفه ولا بشيخه، ويخشى ظلم أهله، وأن مسه العشق أخلص وأن أكرم أفلح وقل نظيره، وإن أغاث ملهوفا دَون التاريخ موقفه.

بعكس الحضر صفاتهم سطحية البنية متساهلة في العادات والتقاليد التي توجب حفظ كرامة العشيرة وعرض العائلة ليس إنقاصا منهم ( ما عاذ الله) بل لأن جغرافيتهم السهلية والمائية تدفعهم لقليل الجهد في الحياة وقليل من إستشعار الخوف على الأهل والممتلكات لقلة المخاطر الطبيعية التي يواجهونها من ناحية، وكثرة المورد المسهل للحياة من ناحية أخرى بعكس البدو .

وفي هذا السياق لابد أن نتحدث عن فضل وصفات بدو الأردن بصفتهم جزء من بدو العرب .

في الأردن نفتخر ببدويتنا فحتى الفلاحين في البلد الأصيل لا يقلون عن بدو الأردن طبعا حادا في حفظ الكرامة والعرض نظرا لقساوة الظرف وتشابه الطباع.

ففي الأردن أستقبل شيوخ القبائل والعشائر بنخوة غير مسبوقة الأخوة النازحين واللاجئين من كل الأقطار العربية ليس لسبب سياسي أو إستراتيجي كما يراه البعض وأن كان هنالك سببا و عنصرا مهما أعتمدت عليه الدولة الأردنية في ذلك، لكنه فيض من كرامة البدو عليهم السلام والرحمة، فلا تستطيع الدولة فرض ظرف يحمل تداعيات كثيرة لو أن المبايعة البدوية لم تبدي أستعدادها .

كما أن البدو في الأردن رغم قسوة التضاريس وغلبة الحال ما استهانوا بخطاب أبن هاشم المؤسس حين جاءهم في جنوب العزة فاوكلوا إليه الوطن والعرض والدين فبايعوه بلا أدنى تفكير ورغم أي شيء حمله التاريخ وعصفت قهر الظروف ظلوا مبايعين بقلب حكيم زاهد راضي، لأنهم يؤمنون أن أخلاقهم تدفعهم لحفظ أمن الوطن وتصر على مبايعة كبيرهم ودعم الهاشميين والولاء لهم.

وتأسيسا على ذلك يجب القول أن كرامة البدو خط أحمر فلا يقبل من أي كائن كان أن يقلل من شأنهم في كل الأقطار العربية والغربية، ومؤسف ما يتداوله النشطاء منذ يوم أمس تقريرا على نقد مسؤول عربي ما للبدو !!

والحقيقة تقول أن لولا البدو ما فُتحت البيوت لإغاثة المظلومين، ولولا البدو ما كانت الفضيلة رمز فخر الحرية المسؤولة …

وفي نافلة القول أستذكر حديثا شريفا حيث يروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله علية وسلـم قال : ( ما بعث الله نبياً ألا رعى الغنم “فقال أصحابه وأنت ” فقال : نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) رواه البخاري.

فإذا كانت الفطرة الإنسانية مهيأة لقبول الخير على الشر أكثر وتميل لدفاع عن نفسها والتحلي بصفات قوية فلابد أن نرى هذه الفطرة تولد في البدو وتبقى معهم للأبد.

فعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلاه الله علية وسلام أنه قال ( من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه).

فطوبى للبدو يا سادة ، والحمدلله على نعمة النخوة البدوية فينا وبيننا إلى يوم الدين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شكرا جزيلا يا نور يا بنت الاصل والطيب.. اجدت وافدت.. الله يحفظك ويرعاك.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى