غزة لا تبكي يا ورود الدار / د.رياض ياسين

غزة لا تبكي يا ورود الدار

مدير مركز إكليل للدراسات والاستشارات
لا تبكي غزتنا ضلك غني بغيابه،هكذا عهدناكي تغنين دون آلات موسيقية على وقع الأمل بالحق والعدل، وعلى سمفونية الجراح تشجينا، وببوق نداء المقاومة تصدحين فينا نفحات من عبق انتصارات رمضان،فتثأرين من انهزامية واستهلاكية مشهدنا العربي الغارق في بحر العبث العربي والاستسلام الاسلامي.
حتى لو بلغ السيل الزبى وغطت انهزامية الكثيرين كرومك وناحت بالقرب من شواطيك حمامة السلام التي تم (قصقصة) أجنحتها فلم تعد تحسن الطيران، وباتت بحال يشبه الدجاج المدجن المستعد فقط ليصدر صخبا، تلك حال المنهزمين المنكفئين، اما حالك ايتها الغزة الضاربة في أعماق البطولة فهو حال الحلم العربي الساكن فينا منذ وعينا على دنيا الكفاح ومقاومة الاحتلال.
يحاول العدو أن يعبث بشواطئ حبك فتصرين أن تبقي على العهد،هو مثل موجة تسونامي يتسلل من أسفل بحرك ليزلزل صفصافة شجرك الجاثم على أرض الأنبياء،فترسلي رسائل طمأنينة لنا بأنك تخرجين دائما من أرض المعركة سالمة من تحت الانقاض،فتقومين من تحت الأرض معجونة بتراب طاهر مقدس فتلوحين لنا بأصابع الشهادة تارة وبأصصابع النصر تارة أخرى.
ستبقى غزة رابضة تتنفس من تحت الأنقاض، قدرها جميل بجوارها البحر،إذ يحكي قصتها بأنغام خرير مياهه التي بدت صاخبة في مشهد عزلتها وحصارها، عزلت غزة قهرا وقسرا، باتت أقرب الى مدن الأشباح وأبعد عن مدينة الأمل والحلم. صورة رسمها من لايريدون للحلم الفلسطيني أن يستمر،فغزة لم تأخذ نفسا بعد الانسحاب الإسرائيلي قبل بضعة اعوام من طرف واحد.
الغزاويون لايمكن لهم ان يعيشوا حياة طبيعية لطالما بقوا شوكة في حلق الاحتلال ، وتهمتهم دائما جاهزة انهم يطلقون الصواريخ من القطاع على اسرائيل الآمنة كما يروج نتنياهو، أيها الفلسطينيون انتم بين “إما” و”أو”، تنبهوا نحن نحاصركم ونقتلكم قتلا جماعيا يغتال كل الاتفاقات والاعراف والمواثيق الدولية ،قتل البشر وتدمير الحجر وقلع الشجر، عناوين نهج حكومة اسرائيل في غزة!! أين العالم الحر الديمقراطي وأين حقوق الانسان في الحياة لانريد حقوقا للفلسطينيين في الرفاه فقط نريد حق الحياة، وأي مجتمع دولي هذا الذي يساوي بين الضحية والجلاد!!!.
انسحبت اسرائيل من قطاع غزة قبل عدة سنوات، ولكن بقي دواؤها، وهواؤها، وماؤها، ووقودها بيد اسرائيل، لم نتفائل وقت إخلاء الجيش والمستوطنين غزة قبل بعض سنوات،في مؤتمر هرتزيليا الشهير عندما اعلن اولمرت بأنه لن نضر بإمداد الغذاء للأطفال ولا الدواء للمحتاجين إليه والوقود للمؤسسات التي تنقذ الأرواح، ولكن ليس هناك ما يبرر المطالبة بالسماح لسكان غزة بأن يحيوا حياة طبيعية بينما تنطلق القذائف والصواريخ من شوارعهم وساحات منازلهم على سديروت وغيرها من بلدات الجنوب”.
تعلن اسرائيل مرارا ان الاغلاق والحصار يهدف لإيقاف المسلحين الفلسطينيين من إطلاق الصواريخ من القطاع على مواطنيها بجنوب إسرائيل، ولكن هل تطلق الصواريخ وهي تزحف على الارض!!! هل سيمنع هذا الحصار إطلاق الصواريخ لوجستيا ؟ لست بخبير عسكري ولكنني أرى بأن هذا فيه استحالة مطلقة، أما إذا كان العقاب الجماعي سيوقف الصواريخ فأظن انه لن يفلح لأن الفلسطينيين متأكدون بان اسرائيل لن تغفر لهم ذنب وجودهم كجيران لها، حتى لو أشعلوا شموع الحب والدفء على طول القطاع وعرضه.
يرزح مليون ونصف هم سكان القطاع تحت وطأة حصار قاس ، عقاب جماعي غير مبرر، لدولة تريد ان تبدي حسن النية لإطلاق مفاوضات سلام على القضايا النهائية في عملية السلام المجمدة في ثلاجة التعنت والكبرياء الاسرائيلي والحجج الواهية منذ نهاية العام 2000 على الاقل.
الاسرائيليون يبررون هذه الاعمال مطلقين تصريحات بنيت على وهم وخوف السارق من اي حركة لصاحب البيت،راهن الاسرائيلي بالامس على الانقسام الفلسطيني،التأم الصف الفلسطيني بشكل واهي،انزعج الاسرائيلي،لانه يفضل الانقسام والصراع الداخلي الفلسطيني.وهذه المرة لن يعاقب الغزاوي بمفرده،بل سيعاقب كل اهل الضفة،وفي العدوان على غزة قبل بضع سنوات راهنت اسرائيل على موقف السلطة الفلسطينية بالضفة فوجدتها مغايرة لمراهنتها،فقد خيبت قيادة السلطة امل حكومة نتنياهو ومن قبلها حكومة اولمرت في انها ستقف مع العقاب الجماعي للغزاويين بحجة محاربة حماس،ونسي الاسرائيليون ان الضفاويين هم فلسطينيو المولد والهوية والامل والالم، وقد أظهرت السلطة الفلسطينية انضمامها لأهل غزة فهم منها حتى لو اختلفت اراء حماس وفتح على إدارة العمل السياسي،واليوم بعد جهود المصالحة مع الحكومة الفلسطينة الجديدة لن يكون مجال للشك باننا امام قضية واحدة وشعب واحد لأن الهجمة الآن باتت أكثر منهجية وصرامة على القطاع الذي يراد له أن يكون معزولا بالكامل ليس فقط عن النبض الفلسطيني بل عن النبض الإنساني، ولأن التحدي بات يقلق المشروع الوطني الفلسطيني بأكمله، حيث النوايا لدفن جثمان القضية الفلسطينية في مقابر صفقة القرن.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى