عودة النوارس المهاجرة / جنوب بنت طريف

عودة النوارس المهاجرة

إلى  أطراف صحراء مقفرة ، في آخر الدنيا ، في بدايات أيلول ، حطت بي عصا النوى ، في عودة كعودة النوارس المهاجرة…
والتجاء الأيائل مواطنها ،  الشمس ترسل شواظا لاهبة ، والرمال تتلوى عطشا ،كأفعى تتقلقل من ظلم اللظى ، حين يأكل بعضا من جلدها ، تتشقق بعض الأتربة المرسلة مع ريح الشمال  ، فجأة تنفتح سدة السماء، فيطل ملاك ، ينفث على المخاليق نسمة من روح الله ، فتتراكم غيوم ، تقترب رويدا رويدا ، تشتعل في عناق شديد ،فتبرق الدنيا وترعد  ،وتفيض الأمواه في ثنايا أرض عطشى ، تتعانق الغيمات فيستعر المشهدمن جديد ، ويزداد الهطول ، فتسمع للشقوق همس و ارتشاف عذب لذيذ  يشتد مع الهطول إلى أن يفيض المدى ، وتجري سيول وتمتلئ عيون صغيرة متناثرة هنا وهناك ،فتبتهل الملائكة ويزداد التهليل ، تبرعم من بين الشقوق زنابق ، .ومساحات شاسعة من خزامى ،  وسوسنات سود وحمر ، تهب نسائم عذبة باردة عابقة برائحة الأرض السكرى ، تتمايل الزنابق والسوسنات طربا ، وتضج الأرض عزفا،  وتضيق المسافات في الأفق وكأن السماء أطبقت على الأرض…….
في كل مرة تفيض الأرض ،  تحبل ثم تضع حملها  ،  تظل كل رملة محتضنة في صحراء مقفرة ، تحت شمس الهاجرة ،تواقة للحظة ارتواء ، فهي في حالة دائبة لإكسير الحياة ، ولحبة مطر مانحة  صادقة تمنحها دبق التراب ، وبهجة الحياة  ،ولو كان تاليها نزع روح أو شهقة موت ،  ففي شهقتها  بعث للحياة فيها من جديد.

جنوب بنت طريف …بيروت

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى