جنوب بدوية ،على شاطئ بيروت / جنوب بنت طريف

جنوب بدوية ،على شاطئ بيروت
على شواطئ بيروت ذات مساء ألقت بي عصا النوى ،بحقيبة من ورق ، وإرث قديم من وجع ، هاهي موجات البحر تتلاطم وكثير من الأصداء المختلطة لبشر مروا من هنا ، في رحلة العودةأو اللا عودة ،وعلى الرمال كثير من أمتعتهم مغرقة في زبد قديم ومعها حكايات يطول بعضها ويقصر حسب ألق النهايات…..
من هنا هاجروا من ظلم ، أو وراء لقمة عيش هاربة ، منهم من وصل ،ومنهم من ابتلعه حتفه مزينا ببريق المال الزائف .
من هنا مروا عاشقان تعاهدا وتقاطرت من بين أصابعهم دماء الرغبة ودموع العشق ثم وضعا عهدهما في قارورة ،وارسلاها إلى عرض البحر ،معطرة بعطر اللقاء وصدق الوفاء ،ثم بعد سويعات يعيدها المد والجزر على حافة صخرة صماء فتضيع معها لحظة البداية وفيض من الرجاء والابتهالات ……
هناك ومن هنا مروا شعراء وأدباء وفنانون تبادلوا لغة البحر ورسموا أجمل لوحاتها
وظلت قصائدهم بعدد الرمال وحرارتها تبث الصخب وتناغي النوارس وتحاكيال البحر هيجانه….
من هنا وبالتحديد مكان قدمي وقف شاعر بدوي أصيل ومطبوع السجايا ،أظنه أهداني قصيدته ،وذرذرها الريح ….ككل القصائد التي يتولى القدر مصيرها …..

أتيت شاطئ بيروت ليس معي عدة الترفيه أو ملابس للبحر ؛فبدوية مثلي لا تتقن الغوص في الماء بقدر ما تتقن العوم بين الرمال ، وارتكاب المحال ، أو الإبحار في عالم الكلمات حيث الغارق فيه مفقود والناجي مولود …
ها أنا أجمع أوراقي وأحتضن جرائمي ،يظنون أني جئت أنشرها في إحدى دور النشر العالمية هنا ، ولا يعلمون أني جئت أهديها إلى ذلك العابر الذي أهداني قصيدته هنا !!
كتبت رواية عن طفلة مولودة من رحم رجل ،ومسكونة في قلب رجل ، وموؤدة على يدي رجل….فمن ترى سينشرها ؟!
كتبت رواية أخرى عن رجل مولود في فكر أنثاه، ومسكون في دمائها ، وموؤود في عشقها ….فمن سينشرها؟!
كتبت وكتبت وكتبت ….
جمعت من الأوراق ما جمعت ….
وعندما أعلنت رأيي منعوا من النشر أفكاري …
وصادروا من الصحف أشعاري …..
حينئذ أدركت أن لا جدوى مما أقول …
وأن أحلامي أكبر من أن توضع بين دفتي كتاب في مكتبة عتيقة ، وأعرف أن حريتي تأبى الحلول بين جلدتي كتاب ملقى مع أخوته على أرصفة الطرقات ،يمد يده ويستجدي العابرين ، فقررت أن ألقي ثروتي في البحر ، وأن أبعثر أوراقي هنا …لعل ذلك العابر الحبيب ، إن مر هنا ، سيجمعني ،ويحتوي فكري ، يعيد رسمي وقراءتي من جديد ……..

اظهر المزيد

‫5 تعليقات

  1. ثمة شواطئ إذا بعدت تعذر بعدها الوصول…..
    وثمة إرقام إذا فقدت ….وعناوين …استحال بعدها الرجوع…

  2. لوحة يغلفها الحنين والغياب ، تذكر بقول احدهم
    ودون الذي املت منك حجاب
    للبدوية الجنوبية امنيات التألق .

  3. الشاعرة البدوية جنوب :
    الأكثر وجعا ، ليس ما لم يكن يوما لنا ، بل ما امتلكناه لبرهة من الزمن ، وسيظل ينقصنا الى الأبد” .
    أما وقد حزمت الشاعرة امرها ، وقررت السفر الى شاطئ المتوسط ، فسأنشر ردا على مقالتها ، لعل فيه بعض الوفاء ، وبعضا من ملامح عبقريتها وإنسانيتها ، وهو دين يسير من ديون كثيرة تثقل الكاهل والروح .

    1. استغرب من حدة الطرح وضبابيته والخوض في فلسفة الامتلاك وهو من المسلمات التي ، تجاوزناها في منهجية واضحة وشفافة ….
      أستاذي ،لو كان الامتلاك كشريعة الغاب ،لكان التراب هو مالكنا الأساسي ولكنا في شريعة الدود وقفا ،فنكون اذن قد تساوينا تماما ….وكنا نحن.البشر طائفة من المحكومين بالإعدام …أمام مقصلة لكل دور ووقت، ولكانت جنوب أشجع من يرمي أجندته للوقوف على قيدالانتظار والاكتفاء بمشاهدة مصارع السابقين …تحية واحتراما ..

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى