عنقاء الزجاجة
الكثير من المُثقّفين وغير المُثقّفين في أوطاننا قد سمعوا أو قرأوا عن طائر “العنقاء” Phoenix الأسطوري الذي نسجت خرافاته وأساطيره قصص الإغريق وغيرها من أساطير الشعوب… 🙂 وتتفق هذه الأساطير في الكثير من فلسفاتها ومعتقداتها وتأويلاتها حول حكايات العنقاء؛ ولكنّها قد تختلف في تفاصيلها وحيثيّاتها… 🙂
فالكثير من تلك الخرافات والأساطير (ركِّزوا على هذه الكلمة المفتاحية ) تقول أنّ هذا الطائر “محَيَّر”؛ أي لا جنس له لإنّ توالده لا يكون بالتزاوج كباقي المخلوقات بل “بالخروج” (مع التشديد على هذه الكلمة المفتاحية أيضاً) أو بإعادة البعث أو الانبعاث من الرماد بعد أن يعيش حوالي خمس مئة عام (وهذه كلمة مفتاحية أخرى) ثمّ يحترق فيموت (وهذه آخر كلمة مفتاحية) ثمّ يخرج من الرماد قوياً وبهيّاً من جديد …. 🙁
سيقول لي بعض الناس غاضباً: وهل هذا وقت الحديث عن الخرافات والأساطير يا دكتور… 🙁 والجواب على هذا التساؤل بسيط… 🙂
فجميعنا يذكر تصريح دولة الدكتور هاني الملقي (الذي قال عنه معالي عقل بلتاجي الذي ينبعث ويتجدّد في شغل المناصب أنّ أبا فوزي ‘هاني’ كان من أفضل تلاميذه) حين كان يتحدّث دولته عن الأزمة الاقتصادية وعن حلوله ووعوده السحرية… 🙂 يومها قال دولته: “سنخرج من عنق الزجاجة منتصف 2019… وإذا فشلتُ في ذلك فقولوا لي إنتَ فاشل” 🙂
لن نقول لك “يا فاشل” دولتك كما طلبتَ منّا؛ فالشتم واللعن لا يُصلح مالطا بعد خرابها… 🙁 ولكنّنا سنحاول أن نلتمس لك عذراً… فلربّما جاء حديثك السالف تحت تأثير إجهاد العمل فخلطتَ الحقيقة بالأسطورة والواقع بالخيال… أو لربّما أردتَ أن تستشهد “بالعنقاء” فزلّ لسانك وقلت “عنق”… ولربّما كان وقتها أحد اعضاء وفد البنك الدولي الذي ضغط عليك يشرب زجاجة مشروب “التفاح”، فاختلطت كلمة عنقاء وكلمة “زجاجة” فنطق لسانك ب “عنق الزجاجة” … 🙂 ربّما…ربّما…ربّما… هذه جميعها أمورُ علمية تحدث كثيراً من منظور لغوي نفسي… 🙂 بالله كيفني معك دولتك…. يعني أكبر مسّاحي الجوخ والمّطبّلين والمُزمّرين لا يستطيع أن يجد لك مثل هذا العذر ومثل هذا المخرج المحبوك… 🙁
لكن دولتك أستحلفك بالله ثلاثاً أن لا تدَعونا حائرين و “محيّرين” وأن لا تسمحوا أن يحترق هذا الشعب الرائع فيموت لأنّ الخروج أو الانبعاث أمرٌ مستحيل حتى ولو كان ذلك بعد خمس مئة عام كما تقول الأسطورة… 🙁 كفانا شباباً وكهولاً احترقوا وانتحروا على جسر عبدون 🙂 والله أعلم وأحكم
