عندما يغار الرئيس / معاذ مهيدات

عندما يغار الرئيس

تعد الغيرة الوطنية شعور جميل، بأن يغار الإنسان على وطنه وعلى شعبه، ورائع أن تجري الدماء في عروقه، غاضباً لكل من يسيء لبلده بأي كلمة، ولكن أن تصل الغيرة السياسية إلى أعلى مراكز صنع القرار، بتنحية الناجح لمجرد تسليط الأضواء عليه، لفوزه بجائزة على مستوى الدولة أو وضعه خطة سياسية لإنقاذ الوطن، فتدب نار الغيرة في جسد ذلك المسؤول، دون تدارك النتائج السلبية لإقصاء المبدعين.

ولعل الشعور بالانتقام، إذا ما وجد عند المسؤول، سيتسبب في إيقاع الضرر على أولئك الاشخاص، وهنالك تفاوت ملموس في مقدار الانتقام، ويعتمد ذلك على حجم الصلاحيات الممنوحة، فيتم أحيانا إنهاء مستقبل العديد من الكفاءات، والتي يعتقد الرجل الأول فيها، أنها قد تشكل خطرا على ديمومته خلال الفترات القادمة، بهدف بقائه لأطول فترة زمنية ممكنة على سدة الحكم، وعادة ما مايلجأ ذلك المسؤول، لإيجاد بدائل أقل من المستوى المطلوب وظيفيا، بهدف تسويق نفسه والإطالة في أيام تربعه على كرسي المسؤولية، ممارسا تكنولوجيا الانتقام على حساب الوطن، لتفريغ مؤسساتنا من الكفاءات والخبرات، واستبدالهم بنماذج عكسية، وتكون النتيجة تشوه في المنظومة الاجتماعية والاقتصادية، فلابد من التحلي بالنزاهة كخطوة أساسية في طريق الإصلاح والديمقراطية.

الامر قد يكون مستوعبا أو من السهل احتوائه، حين يكون الحاقد شخصا عاديا، ولكن المصيبة الكبرى عندما يكون هذا الحاقد في موقع سياسي، يتحمل مسؤولية عامة، يفترض أن يقدم من خلالها خدمة للدولة أو للنظام السياسي، فيلجأ إلى ممارسة حقده وغيرته السياسية وتفريغ حممه، بطريقة لا يدركها من يمارس عليه الحقد، فتظهر النتائج على أيدي الآخرين، وهو في موقف المتفرج، يقطف ثمار حقده، متلذذا على ما اقترفته يداه.

إن سعة الصدر صفة ضرورية لمن يعمل ويخدم في العمل العام، واختلاف الرؤى أمر صحي، وهي لا تفسد للود أو للعمل قيمته بل تعطيه قيمة عليا، لتكون النتيجة تعزيز منعة النظام السياسي وصلابته.

ولكن المسؤول الغيران من ذلك الناشط، يهمل إنجازاته، ويبحث عن كلمة أو عبارة أو موقف أو نشاط، ليجعل من الحبة قبة، تأويلا لما يضمر في نفسه من إساءة وحقد، وليخسر من يخسر، ما دامت أساريره تنفرج ويرتاح بها صدره، فيستبعد الشخص الناجح في أقرب تعديل وزاري، إن كان الغيور رئيس حكومة، أو إحالته على التقاعد، وقد يحدث ذلك بعد فوز ذلك الشخص بجائزة أو سطوع لنجمه، لينتقل إلى جولة أخرى، ولكن الخسارة تبقى وتتراكم على الحكومات دون أن يدركها أحد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى