أميركا تسعى إلى تلطيف العلاقات مع تركيا

سواليف _ رويترز

وفق مسؤول أميركي، فإن زيارة جو بايدن لأنقرة استهدفت إلى حد ما تصحيح الانطباع بين بعض الأتراك بأن واشنطن وافقت بشكل ما على محاولة الانقلاب، وأيضا لتوضيح تفهم الحكومة الأميركية للصدمة التي سببتها محاولة الانقلاب لتركيا.

عندما قام جو بايدن نائب الرئيس الأميركي بزيارة تركيا في يناير/ كانون الثاني الماضي حمل معه رسالة صارمة للرئيس رجب طيب أردوغان مفادها أن نموذجه للديمقراطية الإسلامية يعطي مثالا سيئا من خلال ترهيبه لوسائل الإعلام وتهديده الحياة الجامعية.
لكن لهجة بايدن اختلفت بشكل ملحوظ لدى وصوله أنقرة الأربعاء الماضي بعد أسابيع من وقوع انقلاب فاشل في تركيا أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين، وبدا أنه يحاول الحد من الأضرار الدبلوماسية التي قد تلحق بهذه العلاقات.
فقد غضب المسؤولون الأتراك بسبب الموقف الأميركي والأوروبي والذي ركز على الإعراب عن القلق “إزاء حملة القمع التالية التي قامت بها أنقرة على المتآمرين المشتبه بهم” وعدم الاكتراث بمحاولة الانقلاب نفسها على حد تصورهم.

وتوالت التصريحات التركية المعبرة عن هذا الغضب، ووصل الأمر إلى تلميحات إعلامية بتورط جهات غربية، كما زاد هذا الخلاف من التوترات بشأن اتفاق تركي أوروبي للمساعدة في معالجة أزمة المهاجرين بأوروبا، وهو الجزء القوى الآخر من النفوذ الذي يمتلكه أردوغان مع الغرب.
وحذرت أنقرة من أنها قد تتراجع عن وعدها بوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا إذا لم يمنح الاتحاد الأوروبي الأتراك حق السفر بلا تأشيرة في أكتوبر/ تشرين الأول.
ويمثل إضعاف التحالف مع تركيا قلقا لواشنطن التي تعول على الدعم الذي تقدمه أنقرة التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

مخاوف أميركية

وربما أدت إعادة أردوغان العلاقات مع روسيا بل ومناقشة التعاون العسكري مع الرئيس فلاديمير بوتين إلى مضاعفة مخاوف الأميركيين، ولذلك قدم بايدن الأربعاء في أنقرة رسالة تحالف ومصالحة لدى اجتماعه مع أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدرم.
وقال بايدن “اسمحوا لي أن أقولها للمرة الأخيرة.. إن الشعب الأميركي يقف معكم.. باراك أوباما كان من أوائل الناس الذين اتصلتم بهم. ولكنني أعتذر. كنت أتمني لو أنني استطعت أن أكون هنا قبل ذلك”.
وقال إن المسؤولين الأميركيين سيتعاونون في التحقيق بالأدلة ضد فتح الله غولن رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة والذي ينحي أردوغان باللوم عليه في تدبير محاولة الانقلاب مع أنصاره.
وطالب أردوغان واشنطن بتسليم غولن الذي نفي أي تورط له في محاولة الانقلاب، ولكن السلطات الأميركية قالت إنه يجب على تركيا أن تقدم أولا أدلة على ارتكابه خطأ.

تحقيق التوازن

وقبل ساعات من وصول بايدن، وفي إبراز في الوقت المناسب للدور الذي تلعبه تركيا في الحرب ضد تنظيم الدولة، شنت القوات التركية بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هجوما كبيرا داخل شمال سوريا لطرد مقاتلي التنظيم من بلدة جرابلس الحدودية.
وقال القائد الأعلى السابق للتحالف في الناتو الأميرال جيمس ستافريدس إن مفتاح العلاقات الأميركية مع تركيا هو تحقيق توازن في التوترات بين الحاجة إلى وجود حليف قوي وإقليمي بالحلف وإعطاء اهتمام لحقوق الإنسان.
وكثيرا ما انتقد المسؤولون الأوروبيون في الماضي أردوغان بشأن ما يصفه معارضوه بالنزعة التسلطية وعدم التسامح مع المعارضين، بما في ذلك سجن الصحفيين الذين يوجهون انتقادات، وهي اتهامات نفاها الزعيم التركي.
ولكن من زاروا تركيا خلال الأسبوعين الماضيين تحدثوا -مثل بايدن- بلهجة تصالحية على نحو أكبر.

علاقات معقدة

وحتى قبل التوترات الدبلوماسية التي أعقبت محاولة الانقلاب، كانت العلاقات الأميركية التركية معقدة وحساسة.
وعمل البلدان العضوان بالناتو معا ضد تنظيم الدولة في سوريا. لكن تركيا تدعم المعارضين السوريين ليس لطرد تنظيم الدولة فحسب ولكن أيضا لوقف تقدم قوة تدعمها واشنطن مشكلة أساسا من مقاتلين أكراد تعتبرهم أنقرة حلفاء للمتمردين الأكراد في أراضيها.

ويقول مسؤول أميركي إن زيارة بايدن استهدفت إلى حد ما تصحيح الانطباع بين بعض الأتراك بأن واشنطن وافقت إلى حد ما على محاولة الانقلاب، وأيضا لتوضيح تفهم الحكومة الأميركية للصدمة التي سببتها محاولة الانقلاب لتركيا.

وزار بايدن مبنى البرلمان في أنقرة والذي تعرض للقصف خلال محاولة الانقلاب من قبل طيارين “مارقين” مبديا أسفه على سقوط قتلى.
بدوره، اعترف أردوغان بأهمية التحالف بين تركيا والولايات المتحدة، ورحب برسالة التضامن التي قدمها بايدن. ولكنه رفض تصريحات بايدن التي قال فيها إن محكمة اتحادية أميركية لا بد وأن تقرر ما إذا كان سيتم إرسال غولن إلى تركيا بدلا من المطالبة بتسليمه بشكل مباشر.
وسخرت صحيفة صباح التركية اليومية المؤيدة للحكومة من الموقف الأميركي متساءلة “هل قطع بايدن كل هذه المسافة الطويلة إلى تركيا لمجرد أن يقول إن الأمر في يد القضاء؟ ألم يكن يكفي أن يقوم متدرب بسيط في مكتبه بنقل نفس الرسالة دون إثارة كل هذه الضجة؟”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى