عالية الشوبكي تكتب .. ما بين “عربي” واحمد حسن الزعبي.. نزف لم يعد منفردا

#سواليف

ما بين “عربي” واحمد حسن الزعبي.. نزف لم يعد منفردا

ما بين ( #عربي ) في #رواية#أنت_منذ_اليوم ” لــ #تيسير_السبول، وبين #أحمد_حسن_الزعبي، عزف، لم يعد منفردا.

يقول (عربي): ” وخُيّلَ إليَّ أن المسألة كلها سؤال واحد: شعبٌ نحن أو #حشية_قش يتدرب عليها هواة #الملاكمة؟… إنها شهور حَرِيَّة باسم عصور الظلمة… إنني أتحدث عمّا أُسدِلَ في جمجمة واحدة… فهنا مواطن أراد على الدوام أن تحمل روحه وشم الدولة القوية… #شعب نحن أم حشية قش؟”
أحمد حسن الزعبي تلقّف سؤال (عربي) وأجاب:
نحن شعب، ولسنا حشية قش، “وهاي البلد إلنا”… “هنا الشعب”.
وبينهما نحن بين لحظتين:
الأولى، لحظة المبتدأ: تيسير السبول مثخنا بنكسة حزيران، وما تدفق بعدها من محاولات لفهم الذات المهزومة في مواجهة العدو المنتصر. تلك لحظة انتهت بعبارة “أنت منذ اليوم” وهي مبتدأ ينتظر خبره منذ عام 1968.
والثانية، لحظة الخبر:أحمد حسن الزعبي، ومعه كان لا بد أن نضحك كثيرا لكي نحتمل آلام استفزاز الوعي، ومتاعب استنفار الإدراك. استفز وعينا حين تجاوز الواقع المُهَدَّم إلى إعادة بناء وجدان الشخصية العربية في الأردن بخصوصيتها الأردنية، وعيا فإدراكا؛ فهو انتقى مفردات وتعابير تقضُّ مضاجعَ الوعي بتداعيات معانيها، وتحشر الإدراك بين خيارين واضحين. مثلا، تعدُّد مستويات المعنى وتدرجها صعودا في “من – سفَّ- بلدي”، تخضُّ المتلقي؛ ثمة من يمكن أن يقرأها “منسف بلدي” رغم علامات الترقيم والشدة على الفاء، والمتلقي هنا مدعو إلى وجبة دسمة تسعده -غالبا- لكنها بحاجة إلى “هضم” و”استيعاب. وثمة من يراها كما أريد لها “من بلع بلدي”، وحين يرتقي الوعي هنا إلى فعل “البلع” تصبح صيغة السؤال دعوة للمشاركة في الإجابة.
صعودا إلى المستوى الثالث الذي يصدم المتلقي حين يتأمل مفردة (سفَّ)…
سفَّ تعني بلع السفوف، والسفوف خليط مطحون يبتلعه مريض البطن!
قريبا منها مفردة (لِدْ) وفي محكية أخرى يقولون (بَحِّرْ).
درجة التنبيه والحركة في مفردة (لِدْ) حين تقال تحفز المُخاطب، فينصت مديرا وجهه إلى المتكلم؛ هي مفردة تستخدم -غالبا- للتحذير المسبق من عواقب إهمال مواجهة التهديد. اسمعوها في حالات الغضب والتحدي لتعرفوا اليقظة التي تستدعيها.
في المفردات، وغيرها، وضع أحمد حسن الزعبي اللبنة الأولى: #الوعي؛ شرط بدء التغيير، وإدراك نتائج الوعي يغير المشاعر ويراكم المعرفة ويفرض الحركة، والمحكية المحلية تحفر عميقا وتصحح صور الشعور بالذات.
نعم، مع أحمد حسن الزعبي، لا بد أن نضحك كثيرا لكي نحتمل صدمة الانتقال من سخرية وكوميديا التنفيس إلى أدب التسييس، والمبدع الذي ينقل الناس إلى هذا المستوى يضع حجر أساس راسخا في بناء الدولة المدنية الحديثة.
يا إحمد الحسن… “لِدْ me” ، وبحِّر زين…
عندما قرأت رواية “الأم” لمكسيم غوركي، قبل أكثر من ثلاثين سنة، أدهشتني (بلاجيا) أمُّ (بافل) وهي تهتف: إن كلمات ابني هي كلمات شرف، يقولها عامل لم يبع نفسه، وسوف تفهمونها لجرأتها”.
في ذلك العمر كان قلبي طريا، ولفرط الحماس حضَّرت قِدْري.. بس ما رِكِب.
ثم قرأت “أم سعد” للشهيد غسان كنفاني، فكَبُرَ قلبي بها واشتد وهي تنقل الزوادة للشباب المقاتلين، وتعدد أنواع الحبوس، وتميز خيمة عن خيمة.
مرة ثانية، حضَّرت قِدْري .. وما توازن.
وجاءت كرمة العلي.. “ياسمينة الدار” التي ” توشوش السماء أن يحفظ الله الأردن وشعبه.
هل هي “كرمة علي” * التي يلتقي فيها نهرا دجلة والفرات لكي يكونا شطَّ العرب في العراق؟
أي صدفة هذه؟!
أهي مثل صدفة رحيلها في الخامس من حزيران تحديدا؟!
أم مثل صدفة أن تكون رمثاوية على مقرط عصا من دمشق؟!
يا إحمد الحسن، يا زوادة الحراثين وحراس الحدود التي أعدتها كرمة العلي بكرامة وفائض محبة..
الآن، بكرمة العلي، رِكِب قِدْري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى