عالم الفقراء
كسرةُ خبزهم يابسه ، فراشهم مُرقّط ، كأس الماءِ مُعكّر وطعمُ اللحمِ مُر ، بنطاليهم مُمزّقه وأثوابهم مطرّزةٌ بالوجع ، بشرتهم مشوّشه وأجسادهم مُنهكة ، أحلامهم نحيلةٌ مثلهم ، تنظرُ اليهم فترى الدمعةَ في عالمهم ضحكةً تحسبُها بسمةً من التعفّف .
الفقراءُ لديهم فائضٌ في ميزانيّة الرضا ، يشكرون التراب فهو من أنجبَ لهم القمح ، يشكرونَ الجوع فهو من طردَ التخمةَ من أجسادهم ، يؤمنونَ بأنَّ القمامة مطعمٌ فاخر وأكياسها ولائمُ لذيذة ، وفي القمامةِ ما لذّ وطابَ من طعامٍ ومأكولاتٍ غنيّةٍ بعناصرِ الغذاء تمدّهم بالأليافِ والأملاحِ والحياة .
في عالمِ الفقراء يسكنُ الابتلاء ، وبجوارهم قاعةُ امتحانٍ من الله يختبرُ بها أموال الأغنياء ، من تحتهم يجوعُ الشيطان على مأدبةِ الذنوب ومن فوقهم تتبجّحُ بعفّتهم السماء ، بعالمهم يعيشُ الصبر ويحضنُ الداءُ الدواء .
في أجسادهم أشفقَ الألمُ على حالهم فتبرّعَ بقطعةٍ من قلوبهم لبناءِ محرابٍ أسموهُ مسجد الأمل ، في جيوب الفقراء تبني العناكبُ بيوتها وفي أواني الطعام تصنعُ الطيورُ أعشاشها .
أيها الفقراء في كوكب الأرض ما أجملكم وما أقبحَ فقركم .
عودة عياصرة