درس من الحياة – 20 / موسى العدوان

درس من الحياة – 20
طبيعة التطور في السياسة الخارجية الأردنية والشرق الأوسط الجديد
يقول السفير السابق فؤاد البطاينه في كتابه بعنوان ” السياسة الخارجية الأردنية وتطورها ” ما يلي وأقتبس :
” بعد غياب القطبية الثنائية وفي بداية التسعينات من القرن الفائت بالذات تغيرت الصورة تماما في كل الدول العربية وليس في الأردن وحده. وذلك عندما نحت الولايات المتحدة باتجاه تبني سياسة خارجية جديدة واقعية مبنية على قدرتها في تحقيق أطماعها ومصالحها المتعارضة مع مصالح الدول مباشرة وبمعزل عن إرادة ومصالح الآخرين وخارج نطاق الالتزام بالقانون الدولي والمبادئ العامة المتعارف عليها في التعامل الدولي وبالضوابط الأخلاقية. وذلك بما تملكه من تفوق عسكري وتفرد عالمي وفكر مادي براجماتي يسنده التحالف الغربي. معطية لنفسها مضمون الإمبراطورية التي تقود العالم.
والمهم هنا والذي تفهمه الأنظمة العربية أن مصالح الولايات المتحدة التي نتحدث عنها هنا هي في منطقتنا مرتبطة بل مرهونة بمصالح إسرائيل وعلى رأسها مشروع الشرق الأوسط الجديد كهدف أمريكي / إسرائيلي مشترك بمردوده. ويقوم هذا المشروع على ركنين يمسان صميم الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وبالتالي يمسان حكما السياسة الخارجية العربية التي كانت قائمة والأردنية بالذات.
أما الركن الأول فهو إدماج إسرائيل في الوسط العربي والإسلامي والشرق الأوسط الذي تعيش فيه كغاية طالما حلمت بها في سياق العمل على طوي ملف القضية الفلسطينية وإدماج المكوّن الفلسطيني يالمكوّن الأردني. وبالتحديد فإن هذا الركن يعني ويتطلب تحييد الدول العربية عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإسقاط مقومات أي تهديد عسكري عربي لإسرائيل، وأي تهديد إسلامي محتمل لها في المنطقة، ولتشكل ( أي إسرائيل ) قومية يهودية في المنطقة وقوة إقليمية إلى جانب التركية والفارسية في غياب القوة العربية. وهذا يفترض عدم السماح للدول العربية فرادى أو جماعة بأن تكون قوتها العسكرية مكافئة أو منافسة للقوة الإسرائيلية بنزع السلاح العسكري الإستراتيجي من الدول العربية وتدجين جيوشها وإشعارها بعجزها وانكفائها مع سلاحها الكلاسيكي للداخل لتولي مهام أمنية ومدنية الطبيعة ولا تتجاوز أهدافها صنع الأنظمة والحفاظ عليها . . . .
وأما الركن الثاني في مشروع الشرق الأوسط الجديد، فهو تأمين الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في كل منطقة الشرق الأوسط كمصطلح سياسي متبلور لا جغرافي، والتي تمتد سياسيا لتشمل الخليج العربي وتركيا وإيران وإقامة أنظمة فيها موالية أو مدجّنة أو غير معادية إلى أمريكا ومصالحها الإستراتيجية والحيوية في المنطقة، طاقة وأمنا وموقعا. ولا يشترط أولوية تحقيق أي من الركنين قبل الآخر لتحقيق الفكرة كركنين متكاملين، وهو الأمر الذي يعني بأن هناك مطلبا أمريكيا حيويا وآليا يتمثل في السعي لإجبار الدول العربية لتغيير النمطية القائمة في تفكيرها وسياستها ومواقفها في مجمل الأوضاع والقضايا الشرق أوسطية التي لها مساس بمصالح إسرائيل ومتطلبات السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة في المنطقة والعالم “. انتهى الاقتباس.
* * *
* التعليق :
نشر هذا الكتاب في منتصف عام 2014، ويلاحظ بعد قراءته أن الكاتب قد حلل ببصيرة نافذة، الموقف الأمريكي وارتباطه بإسرائيل، وتسخير الدول العربية والإسلامية، لخدمة أهداف الطرفين في المنطقة، من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد، التي نعيش أحداثها هذه الأيام في مختلف السياسات المحلية والإقليمية.
وفي نشر هذا الكتاب القيّم، إنما يساهم الكاتب القدير مشكورا، في نشر الثقافة والتوعية السياسية بين القراء الأردنيين والعرب، ويبسط أمامهم بأسلوب سلس وحقائق موثقة، ما يخطط له أعداء الأمة في السر وفي الخفاء، فلعل هناك من يقرأ ومن يتّعض مما أشار إليه الكاتب . . !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى