ما تبتغيه النساء …. /

ما تبتغيه النساء ….

عند الفجر وبعد انتظار يتنفس الصبح ، ينشر الضياء ذراعيه ، يغمر الآفاق بجلال العيد و طلته البهية ، للعصافير فيه تغريد ،وللنسائم تمجيد ، وللمآذن تكبير وتحميد ، وللعباد مشي حثيث للصلاة ،تتعالى بعده صيحات الصغار ،وألعابهم ومفرقعاتهم ، تعلن العيد ، وتمتلئ الطرقات ، بخطى المارين صغارا وكبارا ، الجديد من اللباس ، والجديد من الأيام ،وحدهن لا جديد ، ولا صخب الأطفال ، ولا اجتماع الرجال على عتبات المساجد ، وحدهن القوارير يجلسن على العتبات في انتظار .

في القرية يختلف العيد عن أي مكان ، تجلس الغريبات عند النوافذ ، ترقب على استحياء، بيوت الجيران ، لا أحد يكترث بهن ، بينما يزدحم الأقارب في اجتماعاتهم تبقى عينها ترقب أباها أو أخاها ،على العتبات تنتظر الأحباب ، تلملم بمقدهم شعث غربتها ، تنتصر بحضرتهم على شماتةإحداهن ، وغمزة هنا ولمزة هناك ، كم تجبر الخاطر طلة الأحباب بعد طول غياب !!

ويبقى العيد …وتبقى النساء يقدمن الفرح والعطاء بلا حدود …وتبقى صور من الفقد ، تبرز هنا أو هناك.، كم تفتقد الأم ولدها ! كم تتمنى تكحيل عينيها بمرآة ! صحيح أن البر لا يرتبط بمناسبة، ولكن الفقد في العيد يكون مرا …مرا للغاية ،وللأسف تقسى قلوب الأبناء ،وتبقى بعض الأمهات عند العتبات …طوال الوقت في انتظار .

مقالات ذات صلة

عند عتبة ما تجثم أنثى ، ترقب المشهد ، تقتات على فتات من فرح قد تأتي ،في انتظار حبيب يعايدها ويغازلها ويحضر لها هدية العيد ، ومرت أعياد ومازالت تجلس في نفس الركن ، فقد فاتها القطار ، ومازالت صباح كل عيد تكتحل و تحمر وجنتيها ، في انتظار .

أمام مرآتها جلست ،تهيئ الهدايا ، تعد المال ، تحضره لمن يهمه أمورهن ، العنايا …
بعد قليل سينطلق الزوج لتوزيعها بضيق ، بوسع ، لا يهم …سيزيل الحمل عن كاهله ،وسيضطر اليوم للتسليم على نسيبه الكريه ، ويستحمل تقبيل أبنائه ، يوم في السنة والله المستعان.
يخرج الزوج بوجهه المقلوب ،وسحنته الحاقدة، وقد نسي أن ينظر في وجه امرأته ، ومن أوسعته حبا وعناية ، وتسلمه بأغراضه عند الباب ، ثم تجلس عند العتبة ، تختلج في قلبها الخواطر …
لماذا لم يلحظ زينتي ، ويا ليته أحضر لي هدية ،ولو بسيطة لأعلم أنه يهتم لأمري ، وإلى متى أنتظر ؟ قد يغيب طوال النهار ، لا شك سيعود ، ويلحظ زينتي ، وتستمر المسكينة في ثبات …تقتات الأمل ، وتستمر القوارير عند العتبات ، ينتظرن قلوبا ماسية ، وترنو لرجالهن القادمين ، فالعيد لا يكون عيد حتى يحضرون .
قلوب من ذهب ، هو ما تبتغيه النساء ، لا حلوى ،ولا مال يفنى و يذهب هباء .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قد تزدحم الأشياء في العيد كل الأشياء إلا الفرح …. ربما هو ما تبحث عنه النساء …الفرح ليس فستان جديدا ولا طبق حلوى فاخر ….ولا نزهه …..ولا مبالغ طائله ……الفرح قد تجلبه …..كلمه و نظرة أو لحظه غير مرهونة بعادات أو أعراف ……هذا ما تتبتغيه النساء

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى