طعام اطباء الصحة …مهزلة مستمرة / د . سمير النجار

طعام اطباء الصحة …مهزلة مستمرة

عندما أنظر إلى غداء الأطباء في وزارة الصحة الاردنية وأتأمل فيه .. وأتخيل نفسي وانا على هذه الحال طوال فترة الاقامة ( الاختصاص) والالتزام التي لا تقل عن 12 عاما وانا اجلس الى جوار هذا الطبق المعدني المجوف بعد عمل متعب أمضيته في خدمة المرضى والقيام على صحتهم ..
اشعر بصداع حاد يطرق راسي من كل مكان كما تطرق ملعقتي هذا الطبق المعدني المستفز الخاوي الذي لا يقدم حتى لسجين…..
اشعر بشيء من الدوار والغثيان واللاتوجه للاشخاص او الزمان او المكان ..
هل انا طبيب ام سجين ؟!!
هل انا في مستشفى ام في سجن عدو ؟!
هل نحن في القرن الواحد والعشرين ام في القرن الواحد !
كيف يستطيع الطبيب أن يعمل بكفاءته الكاملة وأن يكون نبيهاً مُتيقّظاً لكل أمور مرضاه من أصغرها ألى أكبرها والجوع يقرقرع في امعاءه !
كيف يستطيع الطبيب أن يتحمل عبء الأسئلة المتكررة و عبء الطلبات المتكررة وعبء الشرح المتكرر لمرضاه و الجوع ينال من قلبه ويأخذ شيئاً من عُمره وعافيته !
ورغم ذلك نعمل ونتضور جوعا وتضيق علينا الدنيا بما رحبت .. وتضيق علينا أنفسنا كأنما نصعّد في السماء.. بقدر ما أثمن على كل عمل ينجز في مشافي وزارة الصحة الاردنية واعتز به بقدر ما يخجلني هذا الواقع !!
من المسؤول عن هذه المهزلة الطعامية !؟
اعلم ان لو قُدّر للطعام والصحون ان تعمل من تلقاء نفسها طعاما لنا لفعلت و تحركت وحرّكت لنا اجود انواع الطعام حناناً علينا و اشفاقاً …
ولكن زمن المعجزات قد ولّى …..
على أي حال مهنةُ الطب في بلادنا تحتاج رجالاً ذكوراً كانوا أم إناثاً ..
فثمّة تعب لا ينفع معه التّصبر وثمة ظروفٌ لا ينفع معها تقديم الطعام…
ثمة تعب لا ينفع معه أي تبريرٍ كان ولا تنفع معه الحلول البعيدة الأمد ..
وإن من التعب ما يحمل على الضيق والضجر ، وإن منه لما يُتعب ويُمرض ويُضني ويُنذر بدنو الأجل ..
وإن منه لما يُراود بالانفكاك .. و الانعتاق !
وإن منه ما يفوقُ طاقةَ بشر….

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى