أنقرة وعمان وملف المسجد الأقصى: استغراب تركي يؤشر إلى «إفراط بالحساسية» وشوق أردني لتطمينات

 

اكثر الأوتار حساسية لبلد مثل الأردن وهو يدلي بخطاب النصر بعد اكتساح حزبه للانتخابات الأخيرة متحدثا بالنص عن المسجد الأقصى وعن مدينة القدس في الوقت الذي كان فيه عاهل الأردن يتسلح علنا بالموجبات القانونية التي تمنح بلاده الحق الحصري في رعاية وإدارة الحرم الشريف في القدس.
هذا الملف كان وما زال شائكا ويؤدي مع ملف الإخوان المسلمين إلى تعقيدات من طراز خاص طالبت وتطال بين الحين والآخر العلاقات الأردنية التركية.
وجهة نظر عمان في السياق تؤشر دوما وفي الغرف المغلقة الى ان أنقرة في الماضي وقبل الانتخابات الأخيرة لا تبذل الجهد الكافي في المحافل الدولية والإسلامية لدعم الأردن في المساحة المخصصة للرعاية والوصاية على المقدسات الإسلامية في القدس تحديدا.
لذلك يعتقد المستوى الرسمي الأردني ويسانده الأمني خلف الستارة بأن أنقرة المحكومة بمعادلة حزب العدالة والتنمية تحتفظ بطموحات خاصة لمزاحمة الأردن مستقبلاً على إدارة ملف القدس، الأمر الذي يبرره بتقدير المؤسسة الأردنية عدم رصد نشاطات دبلوماسية تركية أو سياسية تخدم الوصاية والرعاية الأردنية وتسعى لتكريسها واسنادها. ووفقا لهذا النمط من التفكير في المطبخ الأردني تصبح علاقات تركيا مع قطاع غزة وتحديدا مع حركة حماس المحظورة في الأردن ونشاطاتها في القدس أو في محاولة الوصول للمجتمع المقدسي تحت العنوان الإسلامي هي عبارة عن محطات تقود أنقرة في النتيجة إلى انطباع محوره بأن الفرصة قد تكون مواتية لأسلمة ملف المسجد الأقصى والحرم الشريف في القدس على حساب الرعاية والوصاية الأردنية.
أنقرة من جهتها تبدو متعبة ومرهقة من كثرة ترديدها وفي كل المستويات للإجابة على تساؤلات الحساسية الأردنية في هذا الاتجاه، فهي تبدي بين الحين والآخر إهتمامها بالعمل في خدمة ملف المسجد الأقصى تحت اللافتة الرسمية الأردنية على ان يحدد الأردنيون ما الذي يريدونه وكيف وأين ومتى وهو ما لا يحصل في كل الأحوال.
الجانب التركي ينفي قطعيا وجود أي طموحات أو خطط لمزاحمة الأردن في هذه المساحة ويتحدث عن ضعف التنسيق الأردني في المقابل ويقترح خلف الكواليس ان تستعين عمان بالمنظمات والدول الإسلامية في مسعاها لمنح أوقاف القدس استقلالية عن الاحتلال الإسرائيلي.
وجهة النظر الرسمية التركية تركز على ان ملف القدس والأقصى إسلامي الطابع بحكم وجود فئات اجتماعية عريضة مسلمة في العديد من دول الجوار ومنها تركيا وبالتالي تفترض أنقرة ان طلب الأردن المساعدة أو اقتراح هذه المساعدة من قبل دول أخرى مثل تركيا هما مسألتان ينبغي ان لا تثيرا أي حساسية لدى الجانب الأردني.
حتى داخل أروقة القرار الأردني ثمة مقاومة معاكسة لاجتهادات بعض السياسيين الأردنيين الداعية إلى اشراك الدول الإسلامية في الحرب المضادة لإسرائيل والتي يخوضها الأردن منفردا. وما يظهر على الأداء الأردني في السياق هو الحاجة الملحة للانفراد بإدارة ملف الأقصى والقدس باعتباره معادلا موضوعيا اليوم لما يمكن ان يراهن الأردن عليه في مسألة الدور الاقليمي في الواقع والمستقبل.
بالنسبة للأتراك وجود مخاوف لها علاقة مرة بحركة حماس أو بالمزاحمة على إدارة الأقصى لا ينتمي للواقع، فتركيا تستفسر بين الحين والآخر عن الخطوات التي يمكنها المبادرة بها لدعم الدور الأردني والارتياب بالتصريحات التركية بين الحين والآخر أيضا لا مبرر له ليس فقط بسبب عدم وجود اتصالات معمقة بين الجانبين ولكن أيضا بسبب واقع الحال الفلسطيني.
الأردن يقول خلف الأبواب المقفلة انه لم يمنع يوما تركيا أو غيرها من تقديم نوع من الخدمات يعزز صمود أهالي القدس، والتقارير السياسية ذات البعد الأمني تتحدث عن علاقات عميقة بين تركيا والحركة الإسلامية في فلسطين عام 1948. وهي علاقات في المنطوق والتفسير الأردني دعمت حركة المرابطين مؤخرا بشكل يحاول التقليص من أهمية طاقم الأوقاف الأردني الذي يدير ساحات المسجد الأقصى وقبة الصخرة وحصل ذلك من وجهة نظر عمان بتواطؤ إسرائيلي مما يثير الارتياب وهو ما تنفيه أنقرة جملة وتفصيلاً وتعبر عنه بصفته إفراطاً في الحساسية يحيط بمجمل العلاقات الثنائية.
المأمول اليوم وبعد سنوات من الحسابات الحساسة يتمثل في ان تنتهي الانتخابات التركية بوقفة ثنائية تعيد انتاج الحسابات بحثاً عن التوافق وتطوير وتنمية العلاقات المشتركة بشكل يخدم مصالح البلدين والشعبين.
وهي نفسها العبارات التي سمعتها «القدس العربي» مؤخرا وعدة مرات من السفيرين الأردني في أنقرة امجد العضايلة والتركي في عمان سادات اونال.

بسام البدارين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى