هيومن رايتس ووتش : احتجزت السلطات تيسير النجار بمعزل عن العالم الخارجي لقرابة شهرين.

سواليف _ في كانون الأول من عام 2015، أوقفت الأجهزة الأمنيّة في دولة الإمارات العربية المتحدة كاتباً وصحفياً أردنياً أثناء توجهه إلى المطار بقصد المغادرة إلى بلاده، وحوّلته إلى السجن دون أي تهمة أو محاكمة، فيما واصلت وعلى مدى أشهر وبعيداً عن أعين الإعلام والمنظمات الدولية أو حتى محامٍ، استجوابه.

لم يكن لأحد أن يعرف التهمة، أو المكان الذي يتواجد فيه النجّار، وبعد مطالبات في العاصمة الأردنيّة عمّان، من قبل نقابة الصحفيين الأردنيين، ورابطة الكتاب الأردنيين، وعائلة النجّار، ووزارة الخارجية الأردنيّة، أفرجت الإمارات عن مكان الاحتجاز، وكان سجن الوثبة الصحراويّ في إمارة أبوظبي. تم الإفراج عن مكان الكاتب والصحفيّ أخيراً، وبقيت التهمة والمحاكمة.

تصف منظمة هيومن رايتس ووتش ذلك في بيان لها: “احتجزت السلطات النجار بمعزل عن العالم الخارجي لقرابة شهرين. ولم يتأكّد احتجازه إلا في 10 فبراير/شباط 2016، ووفقاً للمنظمة، نقلاً عن زوجة النجّار فإنَّ “السلطات استجوبته بشأن تعليقات نشرها على فيسبوك خلال العمليات العسكريّة الإسرائيليّة في غزة في 2014، قبل انتقاله إلى الإمارات، عبّر فيها عن دعمه “للمقاومة في غزة” وانتقد الإمارات والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي”.

وتابعت المنظمة نقلاً عن الزوجة: “إن المحققين استجوبوه أيضا بشأن تعليقين على فيسبوك عام 2012 يبدو أنه انتقد فيهما دول “مجلس التعاون الخليجي”، لكن النجار نفى أن يكون نشر تلك التعليقات”.

ومع تقرير “رايتس ووتش”، ومركز حماية وحرية الصحفيين، ومنظمات أخرى، اضطرت الإمارات لتحديد موعد لمحاكمة النجّار، حيث كانت أولى جلسات المحاكمة لأول مرة يوم 18 يناير/ كانون الثاني الماضي بعد توقيفه منذ 13 كانون الأول / ديسمبر 2015، وبعد ذلك قضت محكمة إماراتية، في 15 آذار/ مارس بالسجن 3 سنوات على النجّار، وتغريمه 500 ألف درهم (نحو 100 ألف دينار أردني)، وإبعاده عن الدولة، بعد إدانته بـ”إهانة رموز الدولة”.

مع مرور اليوم السبت يكون للصحفي والكاتب الأردني في سجون دولة الإمارات العربية المتحدة 558 يوماً في السجن، أمضى جلّها دون توجيه تهمة له أو محاكمة. خرجت رابطة الكتّاب الأردنيين، أمس الجمعة، ببيان دعت من خلاله “الجهات الرسمية ذات الشأن في الدولة الشقيقة – الإمارات العربية المتحدة- إلى الإفراج الفوري عن تيسير النجار وإعادته إلى بلده.

ويأتي هذا البيان بعد أربعة أيام على صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا في إمارة أبو ظبي والقاضي بتثبيت الحكم بحق النجّار ورد الطعن المقدم من موكله مؤخراً.

بين اعتقال النجار وصدور الحكم عليه كانت تجري مياه كثيرة في الأردنّ، فمن وقفة احتجاجيّة وحيدة لنقابة الصحفيين – النجار عضو فيها- وأخرى لرابطة الكتاب الأردنيين، جرت اتهامات في الأردنَّ أن التعاطف والاحتجاجات كانت “متواضعة” مع النجّار بسبب أن أحداً لا يريد مصيراً كمصير النجار من اعتقال بناء على منشور أو بيان يدين الإمارات. ويبدو أن وزارة الخارجيّة الأردنيّة انتهجت قبل صدور قرار المحكمة نهج من ظل يخاف غضب الإمارات. فيما ذهب آأحد العارفين إلى أنه “من المستحيل أن يكون شخصٌ واحدٌ أغلى ما تملك دولةٌ بأكملها، خصوصاً عندما تقارنه بالمساعدات الماليَّة التي يتلقَّاها الأردن من الإمارات”. يعلّق ساخراً.

كان تعاطف الكتّاب في الأردن مع النجّار على وسائل التواصل الاجتماعي شحيحاً، كتبت الكاتبة بسمة النسور في فيسبوك: “تيسير وحده من يواجه عقوبة جائرة مجحفة.. محاكم الإمارات تحكمه بثلاث سنوات جزاء له على بوست يتضمن وجهة نظر سلميّة، وهو وحده الملقى دون رأفة في غياهب السجن منذ عامين تقريباً، قضى جزء منها دون توجيه تهمة أو محاكمه وهو وحده الملزم بدفع مئة الف دينار غرامة (…)! وهو وحده المحروم من رؤية صغاره الذين كبروا في غيابه”.

ويرى الشاعر والكاتب غازي الذيبة في حديث لضفة ثالثة أن ما جرى يمثّل قضيّة رأي قبل كل شيء، ويضيف الذيبة: “هذا الكلام موجهٌ لمن يتحدثون أن الأفكّار ليس عليها حرّاس”.

ويتساءل الذيبة: “هل سيجري ما جرى للنجار لو كان أميركياً، وسيصادر حقّه ويجري الاعتداء على حقه في التعبير”؟ مؤكداً أن الكل قصّروا، بمن فيهم وزارة الخارجية الأردنيّة التي كان بإمكانها حلّ مثل هذه القضيّة وخاصة أنها حلّت ما هو شبيه بها مع دول في مجلس التعاون الخليجي”.

يشار إلى أن الكاتب والصحفي تيسير النجّار عمل في الإمارات منذ أبريل/نيسان 2015، حيث أصبح مراسلاً ثقافيا لصحيفة “الدار” الإماراتية قبل أن يجري اعتقاله وتوجيه تهمة له والحكم عليه بالسجن والغرامة. وكل ذلك من أجل بوست على فيسبوك.

ضفة ثالثة

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى