صديقي المَسِيحِيُّ يُصلِّي في صُفوف المسلمين / محمد الدويري

صديقي المَسِيحِيُّ يُصلِّي في صُفوف المسلمين
…………….

لو صدر رسمياً أن اللون الأبيض أكثر أناقة من الأسود، لوجدت آراءً تتضارب لهذا القرار، ولظهر لك مدافعين شرسين عن حق الأسود، ومناصرين أشد ضراوة عن القرار الرسمي بروعة الأبيض، فالعالم الافتراضي أصبح ساحة يستطيع “العالم والجاهل” أن يجتمعا معاً في نفس السطور، والاخير يمكنه أن يستفز الأول بجملة غير مفيدة متعثرة نحوياً، ومشتته لغوياً، ولكن المقصد واضح، ويناكف كل منهما الأخر فقط لمجرد مناظرة عقيمة لا علاقة لها بالواقع العملي، ليتماهك القوم على ريب.

وتماهياً لهذا .. فإن الشعور بوجود انشقاق في نسيج المجتمع من ناحية التعايش الديني الآمن في المجتمع الاردني بعد قصة موت شادي ابو جابر بالذات إثر حادث سير مؤسف، ما هو الا وهم يعيشه البعض من طرفي النزاع الفكري الديني العقيم، وذلك لوجود نقص عند البعض من الطرفين لا أكثر، وهم اللذين اجتمعا في براثن عالم افتراضي، يعتد الحوار فيه اقرب ما يكون الى ارتكاب خطيئة، وهذا النقص لا يمكنني تشخيصه، لانه بحاجة الى اخصائي نفسي لمعرفة الحالة التي يعاني منها كل طرف وليس لأخصائي اجتماعي، لان التعايش الديني لم تشوبه شائبه ولم تمسه عائبه.

اذكر جيداً عندما وافت المنية أحد الزملاء (مسلم الديانة) بشكل مفاجئ أثناء عملي في شركة اعلامية بالعاصمة عمّان، وانفطرت قلوب فريق العمل حينها حزناً على فراقه، وكان زميلنا المسيحي آنذاك أشد من حزن على صديقنا الاعلامي الطيب المعروف في الوسط رحمه الله.

مقالات ذات صلة

في يوم تشييع جثمان المرحوم، توجهنا جميعاً لصّلاة الجنازة في منطقة سحاب، ورافقنا الصديق المحبوب (المسيحي الديانة)، ودخل معنا المتوضأ في المسجد وتَوضَّأ على الطريقة الاسلامية، واصْطَفَّ معنا في صفوف المصلّين، وصلَّى معنا صلاة الجنازة مكبراً وداعياً للفقيد بالرحمة والغفران احتراماً وتقديراً للعشّرة، وشاركنّا معاً في تأبين المرحوم ولم نفكر وقتها بمرجعية كلٍ منا، لأننا إخوة في الوطن والعروبة.

هو مسيحي غير مسلم وأنا ملسم غير مسيحي، وهذا لا يعني أن يُكفر كلٌ منّا الأخر، ولا أن أقلل من احترامه أو العكس، كما أن هذا لا يضعف طبيعتنا الاجتماعية المتماسكة على أساس المحبة والمودة.

لذلك لا تكن جدليّاً في هذه العلاقة لتصبّ زيتاً على النار التي أوقدها جُهّال، ولا تُشكّك في فتوَّة لمجرد مصطلحاتٍ اصطدتها فيها، لتوظفها في تعزيز الشرخ الذي يعشش في مخيلتك، كُنّ عقلانياً وذو أرابة وطنية وليس لمنهجية همجية أكثر ميولاً لنمطية الدول الغربية المتعنصرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى