صديقي / أبو ورد

صديقي
صديقي ، منذ أشهر طويلة لم نلتق ، تاهت فناجين القهوة التي اعتدنا ، وضاعت أقداح الشاي التي سكبنا ، حتى الهواتف أنكرت ارقامنا ، وتعطلت لغة الكلام ، وحروف البوح ، وأخذتنا الأيام في شعابها ، والحياة في مسالكها ، وبنت جدارا من جفاء ، وسياجا من غربة ، هاجرت بقلمي إلى صحافة الخارج ، إلى اقاصي الأرض ، اناجي عمان من باريس ، وأبثها مواويل العشق من جادة الشانزيلزية ، يملؤني شارع الملك طلال ، وأذوب في مجمع رغدان ، وارقب صباياه ؛ شعور تتحدى الريح ، ونواظر تكتحل بالشمس ، وعطور تعلق اريجها على أعمدة الكهرباء ، وعفاف يطاول السماء ، وفقر يهزم كل أرصدة العالم ، أحمل ذلك وألقي به على اهداب باريس الناعسة، وتحت برج قوسها ، وعند عتبات متحفها، وتقول : حضني يتسع لكل الغرباء ، ولاقلامهم الشاردة ، وقراطيسهم المكلومة ، ونرحل هناك ، وفي العين سحاب ، وفي القلب الخشافية ، وملء الأوردة أبوعلندا ، نغفو قليلا وثمة حلم بالعدل ، وأمنية بالنزاهة ، ووعدا لا وعيدا، فما زال في العمر متسع لضحكة ، وفي الروح شوق لبسمة .

استذكر صديقي ، ونضاله للنجاح ، وألمه يوم جاء كتاب انهاء عمله ، وزفراته الحرى ، وتنهيداته الحزينة ، و عجزي عن التبرير ، وخوري أمام القرار ، أستذكر ذلك ، ومساء سحاب الحبيبة يقطر شهدا من رضاب ، وشلالا من جمال ، ونجوما تتساقط في حجري ، ووعدا بزمن ليس فيه مطرح لدمعة ، ومتسع لقلق .

أيها الغائب ، الآن اشتاق لصحيفتك ، وأرنك عن النشر ، وغمغماتك حين الإلحاح، اشتاق ان أصرخ : مساؤك خير ، وتوفيقك رهين نظر الله . والسلام .

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى