سنة جديدة ” 1

سنة جديدة ” 1
محمد طمليه

أعتقد أن الكاتب الانجليزي ” جون اوزبورن” هو صاحب كتاب ” أنظر وراءك بغضب” . وهو صاحب كتاب :” بريطانيا ، أنا أكرهك ” والكتابان مكرسان لتدنيس ” بريطانيا” والتركيز على مواقع النخر في تاريخها الملوث والمشبوه ، وقد صدر الكتابان في وقت ظن فيه حمقى بريطانيون ان بلادهم عظيمة ، وأن تاريخهم مشرف ، ومن المؤكد أن هذين الكتابين كانا بمثابة صفعة على خدود المتبجحين والمنفوخين من الانجليز . وعليه ، فقد لقي الكتابان ومؤلفهما ، من الصد والاشاحة الكثير الكثير . ولكن الكتابين قوبلا بحفاوة واهتمام من جانب فئة من المثقفين كانت ترى ان تاريخ بريطانيا الاستعماري ، وحتى الاخلاقي ، وسخ ويجلب العار لكل بريطاني.
هل تغير شيء منذ ذلك التاريخ ؟ هذا موضوع اخر.
يهمني شخصيا ان انظر الى سنة 2004 بغضب وكراهية : اسوأ سنة على الاطلاق بالنسبة لي انا نفسي ، ومتأكد انها كذلك في المجمل . بماذا اصف المجريات خلال 365 فصلا تلقيناها دفعة واحدة؟
هل ابتسم احدنا يوم الثلاثاء الواقع في 26/4/2004؟ هل سمعنا خبرا جيدا السبت الواقع في 18/9/2004 ؟ وهل يمكن ان يمر يوم الاحد الواقع في 26/12/ 2004 بسلام؟
بقيت خمسة فصال في الجراب ، وانا اخشاها . .
“انظر وراءك بغضب” . وبالقدر الذي يعطيك عزيمة لبدء سنة جديدة نأمل ان تكون اقل ضررا.
وكل عام وانتم بخير.
سنة جديدة ” 2 ”
ما هطل من مطر لغاية الان لم يغسلني : أقف تحت ” مزراب” فأجفّ . وانا مصمم على بدء حياة جديدة اعتبارا من 1/1/2005 . ولكني اتذكر ان موعد الجولة السادسة من “الكيماوي” هو الساعة العاشرة من صباح اليوم المذكور : تأتي الممرضة “بسمات” وتعطيني المحلول على شكل نقاط في الوريد . هل هي مصادفة ان يكون اسمها ” بسمات”؟ قلت لها في دعابة : الا تكفي ” بسمة ” واحدة ؟
صحيح كيف يكون احتفالي هذه المرة بـ ” رأس السنة ” ؟
خبراتي في هذا المجال ضحلة . واخجل أن اسأل احد “الزملاء المصابين” عن طبيعة الفعاليات في هذه الليلة التي احبها . هل نرقص كالاخرين ؟ هل نخطف قبلة في عتمة دقات الساعة ايذانا بولادة سنة جديدة ؟ هل نتمنى حدوث شيء محبب في العام الذي بدأ للتو؟
اسئلة تحيرني كمصاب مستجد لم يمض على تجنيده سوى اربعة اشهر . ولكني لن اجهد عقلي في محاولة الاجابة عليها . وسأحتفل كالعادة ، وبذات الطريقة التي يحتفل بها الاصحاء ممن يأملون ان يعيشوا الف عام.
اتذكر العجوز ” انتوني كوين ” الذي رقص فجرا على شاطىء البحر في فلم “زوربا اليوناني” والغجرية ” رادا” التي رقصت ايضا فحذت حذوها بنات القبيلة . وكاتب القصة ” خليل قنديل ” الذي فعل ذلك رغم ” السمنة ” و ” الكلستلور” . و ” داشا” الجميلة التي خرجت لتتمشى بخفة ودلال على رصيف ميناء بضائع ، فلحق بها اثنان من العمال القذرين ، ولكنهما كفا عن ذلك عندما ادركا ” انها مفرطة النظافة.
اريد ان اكون مثلها :” مفرط النظافة”. سأبقى تحت ” المزراب ” حتى يبللني الماء فأقطر حبا للحياة.
سنة جديدة ” 3 ”
كانت سنة خبيثة على أيّ حال . جنيت فيها خسارات فقط . فمن اصابة خبيثة في تجويف الفم . الى فقداني لأخي ” اسماعيل ” الذي مات في لمح البصر . اضافة الى ضربات قوية تلقيتها تحت الحزام .
أترك هذا جانبا ، وأشير الى أنني افتقدت طوال ” السنة الحيزبون ” / إفتقدت الارتقاء والسموّ والأبّهة . وقنعت بما لا يطاق . وتأقلمت مع الخواء . أقصد انه لم يتحقق لي أي انجاز : عملية ” طحن ماء ” ، ومراوحة ، لا أكثر ولا أقل .
أتذكر أن ” جون أوزبورن ” كتب مسرحية اسمها ” أنظر الى الوراء بغضب ” . وها أنذا أنظر الى سنة مزرية وشريرة . والى أيام بمثابة بثور . والى أماس كئيبة . وأوقات راحت سدى : كانت مضيعة فقط .
وها أنذا أتطلع أمامي بحذر شديد . باحثا في العتمة عن بصيص . مع قناعتي انه لا يوجد أحد . وما من صوت . غير أن حبي للحياة يدفعني الى المضي قدما . ولا أفعل هذا من باب الاستسلام . وانما لرغبتي في المقاومة … فلربما أنجح ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى