سمـــاد مافي سماد / طارق النجادات

سمـــاد مافي سماد
بعد أن ضج أهل قرية من السمــاد في قريتهم، لكونه صناعي وجالب للحشرات والامراض والروائح،تم تعين رئيس للجنة المهندسين الزراعيين فيها، وعد الرجل بحل هذه الاشكالية وتطبيق القانون على الجميع، ولكنه وعد قد تبخر في هواء الايام على الرغم من حظر استخدام اي سماد في القرية، إلا ان بعض المتنفذين لم يأبهوا لهذا الحظر، ولما ضاق باهل القرية الامر ذهبوا إلى رئيس اللجنة، يشتكون المنتنفذين وسمادهم، فرد عليهم رئيس اللجنة : أنا رجل عمري ستة وسبعون عاماً وصدقوني مافي سماد في القرية.
: لكن فلان وعلان بتعاطوا بالسماد والكل بعرف.
: ياخوان ما بسير التشهير، اللي عنده ادلة وبراهين واثباتات يتقدم فيها، ولا تنسوا إن بعض الظن اثم.
: لكن هذي مسؤوليتك انت أنك تحقق وتجمع الادلة بحكم الولاية العامة والسلطة اللي بترأسها.
: يا خوان انا عمري ستة وسبعون عاماً، وبعرف أكثر منكم، وبحب اقلكم مافي سماد.
بعد أيام وفي ذات القرية، تم تكليف نجل هذا الرئيس بأن يمثله لدى احدى القرى الاخرى، ضاج الناس وماجوا، فخرج عليهم الرئيس مخاطبا:- ابني أنا تعرض للظلم ولتأخير في الترقية، وليس من العدل والإنصاف أن يحرم من هذا المنصب لمجرد أنه ابني.
وحيث أن طابع هذه القرية الإحسان، فقد ذهبت هذه القضية في طي النسيان، ولتحتل قضايا اخرى الصدارة من رفع ودفع ولكم وصفع، حتى استيقضت القرية ذات يوم على خبر مفاده بأن المبيدات التي تستخدم في مكافحة الحشرات قد سرقت، وحيث أن هذه المبيدات المسؤول عنها هي هذه اللجنة، فقد خرج رئيسها لينفي أن تكون هذه السرقة تمت في عهده، وليؤكد أنه من بقايا السماد الماضي، وليحدد الوقت الذي تمت فيه عملية السرقة، دون تحديد السارق طبعا، لإنه من الشبهات التي يجب أن يجتنبها المؤمن، فبعض الظن اثم كما اشرنا آنفاً.
واقترب موعد رحيل هذا الرئيس، فخرج ملتحفاً بما تبقى له من وجه ليقول بملء فيه، بأن الفترة التي قضاها في منصبه لم يكن فيها سماد مطلقاً..
يبدو لي إن احسنت الظن كما تعلمت من هذا الرئيس، أن أجزم بأنه قضى فترة رئاسته في حالة زكام مزمن، فكيف لإنفه أن لاتشم كل هذه الروائح؟..!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى