سرّ السعادة في العطاء

سرّ #السعادة في #العطاء

#سناء_جبر

كم هي عظيمة مفردة “العطاء” بما تحمله من وجوه وصور ودلالات، هو الوهب والمنح بلا انتظار لمقابل أو مردود، فكم سيشيع الفرح من حولك وتنتشر السعادة خيوط شمس ذهبية تضيء حيواتهم وتبث فيهم الأمل بعد فقد وبكاء ودموع. وللعطاء عناوين كثيرة، كل منا يترجمها أفعالا لها الأثر العظيم في نفس المتلقّين، فهناك العطاء المادي والعطاء المعنوي النفسي، وينقسم الناس إلى فريقين ما بين صدق ورضا وقناعة وفريق آخر مُراءٍ متملق يُتبع عطاءه منّا وأذى.
يتمثل العطاء المادي بمدّ يد العون للمحتاجين، ولو حفنة من المال، قد تنقذ مريضًا بشراء جرعة دواء أو توفير مأوى لطفل افترش الطريق بعد أن تخلى عنه أهله أو مساعدة في توفير قسط جامعي لطالب فقير على عتبات تخرجه الأخيرة ولا يجد المال الكافي اللازم لتسديده. وتلك عائلة فقدت معيلها والأم تطرق أبواب الناس لتعيل أطفالا صغارا، تلتحف السماء وتفترش أرضا إسمنتية باردة، أو تلتفّ بخيمة تختفي كما لو كانت ادّعاء وكذبا بفعل ريح عاصفة، فياتي أحدهم ويتكفل أمر تلك العائلة فيمنحهم إحساسا دافئا بالحب والحماية بعد فقدان السند والرّعاية، يعود لهم الأمل بمحيطهم ومجتمعهم بعد يأس ممضّ وفقر مذلّ، وشعور بالعدميّة واللاوجود.
بينما العطاء المعنويّ، فصوره لا تخطر على بال ولا يمكن أن تشملها جميعًا لتنوّعها وتعدّد احتمالاتها: ابتسم للآخرين تمنحهم أملا بغد أفضل، ولتبرق عيناك دوما حبا بحياة تستحق أن تعاش، وتفاءل لتنشر الفرح بين أهلك ومحبّيك وصحبك؛ فكما الحزن عدوى فكذلك الفرح والسعادة والتفاؤل، كلّها تعدي. وشعاع الأمل قد يضيء حياة بائسة باتت سوداء كالحة انعكاسا لهموم وأحزان وخطوب تكالبت على أصحابها تباعا حتى خيّل لهم أن لا مفرّ منها ولا نجاة إلا بطيّ صفحة الحياة.
وعند معالجة أصناف المعطين ومذاهبهم في الإعطاء، نتمنى أن نكون ممن قنع بأن سعادته تكمن في عطائه ومحبته للآخرين وتضامنه معهم؛ فهو واحد منهم لا بد أن يحدث فيهم ولو تغييرا بسيطا يحسب له في ميزان حسناته ويدّخر له عند الله. أما أولئك الذين يقدمون مترددين خوف الفقر أو نقص المال، فنظرتهم يشوبها القصور، وإيمانهم يعتوره النقص. وذلك الذي يُتبع ماله بالمنّ وبالأذى فأحرى به أن يعيد النظر في موازين أعماله؛ كيلا يرتدّ عمله عليه حسرات يوم القيامة، فهو يضاعف عليهم أحزانهم وآلامهم، فيثقل همّهم ويزداد أضعافا بتصرفاته الأنانيّة وعطائه الزائف الكاذب الذي لم يبتغ به وجه الله. فلنكن راضين ذوي قناعة بأن السعادة مرادف ومعادل موضوعيّ للعطاء الصادق النابع من القلب المراد به محبة الآخرين وتفريج كربهم.
تيقّن أن سرّ سعادتك يكمن في خلق الفرح في من حولك وعطائك لهم دونما حساب ولا رقيب، عندئذ، سيفتح الله لك أبوابًا للفرج قد أغلقت وكنّا قد حسبناها لن تفتح أبدا. أعط تسعد ، وتسعد من حولك ، ويتحلّق حولك صحبك وخلّانك؛ لتكونوا عائلة متآخية متآلفة . وتصدّقوا فإن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار. وإن لم تكن تملك المال لتقدم عطاء ماديا فليكن العطاء معنويا -بصلة الرحم والصحبة الحسنة والبسمة الصادقة وإشاعة الفرح -سرّك الخاص نحو طريق السعادة والنجاح والتوفيق الذي يكفل لك شخصية مبتهجة راضية منتمية لأهلها ووطنها خير انتماء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى