سحر الكلمة

#سحر_الكلمة

م. #أنس_معابرة

وردتْ قصة في الأساطير السويسرية والنرويجية عن عامل منجم للفحم، إذ كان يعاني الكثير من الصعوبات في عمله، ومهما توخى الحذر في أن يرصَّ الأخشاب فوق بعضها البعض وإحراقها، كان يلزمه رصّها وإحراقها من جديد للحصول على الفحم الجيد.

وفي إحدى الأمسيات الباردة، بينما كان يجلس الشاب في كوخه ويصلح بعض أدواته، طرق بابه أحدهم، وعندما فتح الباب وجد فتاة حسناء تطلب أن تدخل طلباً للدفء بالقرب من المدفأة.

مقالات ذات صلة

لم يمانع الشاب، وأكرم ضيفته بالدفء والمشروب الساخن، ولاحظ وجود ذيل كثيف لها تماماً كذيل الثعلب، إلا أنه لم يذكر أي تعليق على ذلك، ولم ينتقد جمال وجهها الذي إختلط بقُبح الذيل.

وأثناء جلوس الضيفة على الكرسي أمام المدفأة ظهر الذيل امام الشاب، فلم يكن منه إلا أن قال لها: “إنتبهي لبطانة ثوبك من نار المدفأة”. أعجبت الفتاة بالتسمية اللائقة التي أطلقها الشاب على ذيلها، ومنذ ذلك اليوم لم يواجه الشاب الصعوبات في عمله، بل كان ينتج أجود أنواع الفحم من المرة الأولى للحرق، لأن الفتاة كانت حورية من حوريات الغابة، وكانت تساعده في عمله دون علمه.

نحن لا نؤمن بوجود حوريات البحر أو حوريات الغابات، أو العمالقة والأقزام الموجودة في الكثير من أساطيرهم وقصصهم، ولكننا نؤمن تمام الإيمان بقوة الكلمات وسحرها، فكلمة لطيفة من عامل الفحم كانت كفيلة بتغيير حياته وتيسير عمله.

نؤمن أن ديننا هو دين الكلمة الطيبة، والأخلاق الحسنة، ونؤمن أن نبينا عليه الصلاة والسلام نشر الإسلام من خلال طيب حديثه وحسن اخلاقه، فقال تعالى: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ”.

نرتاحُ كثيراً للأشخاص الذين يزينون كلامهم ويختارونه جيداً، أولئك الأشخاص الذي يملكون القلوب قبل العقول، ويزرعون حبهم في قلوبنا قبل آذاننا.

كلماتٌ مثل “شكراً” و”لو سمحت” و”أنا آسف” قد يكون لها تأثير كبير على مسامع الناس من حولك، فكلمة “شكراً” تلقيها على مسامع شخص قدَّم لك خدمة؛ قد تدفعه الى خدمتك برحابة صدر مرة أخرى.

وكلمة “لو سمحت”؛ تدفع أحدهم الى التفاني في تلبية طلبك مهما كلفه ذلك من جهد، وكلمة “أنا آسف” قد تمسح عثراتك وأخطاءك من سجلات صديقك بكل سهولة.

ولقد ضرب لنا القرآن الكريم مثلاً واضحاً يبيّن الفرق بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة، فالكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، وتعطينا الثمرات في مختلف الأوقات، ومثل الكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة قام أحدهم بقطعها لإنعدام فوائدها وكثرة أضرارها. كما يدعونا القرآن بوضوح الى القول المعروف، والقول السديد، والقول الميسور، والقول الحسن، والقول الكريم، والقول اللين.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ”، وهي جامعة لجميع أشكال الكلام القبيح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى